بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
احبتي في الله
انتشرت مؤخراً في أماكن مختلفة في الرياض، مراكز خاصة تقدم دورات تأهيل للمقدمات والمقدمين على الزواج، تحت اسم «دورات الألفة» وهدفها كما يؤكد مشرفون على بعضها، إتاحة الفرصة للشباب السعودي بالحصول على ما يؤهله لبداية حياة زوجية سعيدة تعتمد على التفاهم والانسجام بعيداً عن وصايا غير علمية تعتمد في الكثير منها على عادات وتقاليد لا تناسب الأجيال الجديدة. «سيدتي» تابعت في الرياض ما يحدث في تلك المراكز ومع الملتحقين بها والمتخرجين منها!
صدمنا الأستاذ عوض المرضاح المستشار والمدرب المحترف في العلاقات الأسرية عندما قال «هناك دراسة تقول ان 95% من المشاكل الزوجية تحدث بسبب عدم فهم كل طرف لشريك حياته»، لأنه جعلنا على يقين من أنه مهما اختلفت أسباب الطلاق يظل عدم التفاهم هو حجر زاوية البيت الذي يتصدع مهما توفرت له أسباب النجاة من الطلاق.
وربما يكون هذا ما دفعنا الى سؤال عدد من المراكز التي تقدم دورات تسعى الى زرع التفاهم والحب داخل البيت السعودي، وكانت المفاجأة الأخرى هي أننا وجدنا إقبالاً من كثير من الفتيات والشباب، سواء المقبلين على الزواج أو المتزوجين حديثاً على الالتحاق بها لمعرفة كيفية التفاهم والتعامل الصحيح مع الطرف الآخر مما حدا بإحدى الفتيات أن تجعل شهادة الالتحاق بالدورة شرطاً للزواج.
شرط أساسي
نعم، اشترطت على خطيبي أن يحضر عدداً من الدورات التي تؤهله للتعامل معي كزوجة له.... هكذا بادرت آمال حديثها وبذات الحماس أضافت: منذ صغري وأنا أحب القراءة والاطلاع على كل ما هو جديد، بعدما أكملت الجامعة، كان لدي وقت فراغ طويل قبل الالتحاق بالعمل فقررت ملأه بالالتحاق بدورات لتطوير الذات، وهناك تعرفت على مدربة تعطي دورات للمقبلين على الزواج، في هذا الوقت تقدم لي عبد الرحمن وحدث عقد القرآن، وكنا نتحدث كثيراً لنتعرف على بعضنا بعضاً بشكل أكبر وعرضت عليه أن يتلقى معي دورات التأهيل للزواج، تردد كثيراً فأخذت اضحك معه وقلت له هذا شرط لزواجنا، فأخذ الموضوع بضحك ووافق وبالفعل التحقنا بدورات منفصلة للرجال والنساء تدور حول أساسيات الحب والتفاهم في الحياة الزوجية، الحمد لله نعيش معاً في تفاهم وسلام.
فشل مؤقت
عبد الله تجربته الشخصية مع زوجته جعلته يقدم على الالتحاق بدورات تساعدهما معاً على اجتياز المشكلات التي تواجههما: ترددت كثيراً قبل الالتحاق بالدورات التدريبية، لأن النظرة داخل المجتمع ما زالت تنتقد الشاب الذي يلتحق بها، باعتبار ان الرجل دائماً على حق ولا يحتاج لدروس قبل الزواج لأن كل ما يتعلق بالزواج يعتبر من الأمور الطبيعية فآباؤنا وأجدادنا لم يدخلوا مدارس خاصة للزواج. لكن حدثت لي تجربة غيرت مجرى تفكيري فقد ارتبطت بزوجتي منذ ثلاث سنوات ودام زواجنا أقل من سنة وعادت الى بيت أهلها «معلقة» وكان سبب غضبها وتفضيلها هجري هو انني لا أحبها رغم ان ذلك غير صحيح، وبعد ثلاثة أشهر لم أعد احتمل ان ابتعد عنها، ذهبت لاسترضائها وجلست وتناقشت معها، فاتهمتني بأني إنسان كتوم لا استطيع التعبير عما بداخلي من مشاعر، وانني لا استطيع التعامل مع المرأة، وبعد أخذ ورد واحساسي بصدق مشاعرها تجاهي، عرضت عليّ أن نلتحق بدورات تساعدنا على تفهم بعضنا الآخر، وأيضا تعطينا أسس التعامل الصحيح مع المشكلات التي تواجهنا ودعمت رأيها بأن زوج صديقتها قد التحق بدورات عن أساسيات الحياة الزوجية، وتبدلت حياتهما كثيراً للأفضل بعدها، وطلبت منى ان نلتحق بهذه الدورات معاً، وافقت واشتركت معها وتبدل حالنا كثيراً عما كان من قبل وأصبحت اعرف سبب تصرفاتها وكيف أتعامل معها.
نحتاجها لكسب حياتنا الزوجية
نغم شبلاق (24 عاماً) تعمل صيدلانية قارئة للعديد من الكتب عن أساسيات العلاقة الزوجية ومستمعة جيدة لشرائط في ذات المجال وستقوم بالالتحاق بدورات تؤهلها لحياة زوجية سعيدة لأنها كما تعتقد أصبحت من ضروريات الحياة السعيدة وتقول: اعتقد ان مثل هذه الدورات التي تدرب على الأساليب الصحيحة للحياة الزوجية من الألفة، التعبير الصحيح عن الحب، التفاهم وغيرها مهمة ونحتاجها وقد تأخرت كثيراً، لذلك علينا الاستفادة منها بقدر ما نستطيع.
وعن نظرتها لتجارب من حولها من اخوة واخوات وإمكانية الاستفادة منها كزاد لحياتها الزوجية المستقبلية تقول نغم: كل منا له حياته الخاصة وتجربته الشخصية التي يستحيل أن تكون نموذجاً لحياتي أنا مما يجعلني احتذي به، لذلك عندما يأتي ابن الحلال سأكون حريصة على أن نتزود معاً ببعض الدورات التي تساعدنا أن نحيا معاً حياة زوجية سعيدة.
تكفيني تجارب الأهل والأصدقاء
يوسف الشيخ لم يسبق له الزواج بعد، ولكن يرفض فكرة تلقي دورات لأنه ـ كما يقول ـ لدي من الخبرة الحياتية ما يكفي.. يعلق يوسف: لا اعتقد أنها فكرة صائبة فأنا لدي الخبرة الكافية من الحياة وممن حولي من تجارب الوالدين والاخوان والأصدقاء وكما يقال «اسأل مجرب». أما أساس نجاح العلاقة الزوجية فيوضحها يوسف معلقا: التفاهم هو الأساس المتين لنجاح العلاقة الزوجية، وأنا شخصيتي مرنة ومتفهم فلن تضيف هذه الدورات التدريبية جديداً.
وماذا عن الزوجة أو الخطيبة سألناه؟
ـ سوف أتعامل معها بكثير من الصبر والتفاهم وسأقدر عدم معرفتها بالكثير من أمور الزواج وسأكون أنا المعلم لها وبشكل عام لأني شخصية مرنة ومتفهم وإذا أخطأت سوف اعتذر، فلن تكون هناك مشاكل بإذن الله.
روشتة للجنسين
يقدمها عوض مرضاخ، المستشار في العلاقات الزوجية: هناك عوامل يعيشها الرجل أو المرأة تجعله يتواصل بأريحية وعلاقة عاطفية مع الطرف الآخر أو عدم إعطاء شريك الحياة هذا القدر من الحب والحنان ومن ابرز هذه العوامل ما يلي:
الوالدان (بمعنى إذا عاش الشاب أو الفتاة في بيئة والديه) يرى الحب بين أبويه والحنان والمعاملة الحسنة من أمه لأبيه والعكس فهذا يجعله يبادر بتطبيق ما رآه وسمعه وشعر به في حياته رجلاً كان أو امرأة.
الثقافة العامة: هي من أهم العوامل التي تتحكم في طريقة تعامل كل طرف مع الآخر، فالشاب الذي يقرأ عن السعادة الزوجية وبناء المجتمع السليم وكيفية علاج مشاكل الطلاق والخلافات الأسرية فهذا ينعكس إيجابا على طريقته في كيفية حياته مع شريكة حياته، والفتاة التي تربت على القراءة الايجابية وتطلع على المقالات والصحف التي تركز على أسس الحياة السعيدة وفن التعامل مع الزوج.. الخ، مما يوجد أرضاً خصبة لزراعة الألفة والحب والتناغم بين الزوجين.
< الصداقة والعلاقات (أخبرني من تصادق وسوف أخبرك ان كنت سعيداً في زواجك أم لا)، وقد جاء الحديث الشريف: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».
وفي المثل العامي «الصاحب ساحب»، فإذا كان معظم أصدقاء الزوج سعداء في حياتهم شعارهم التفاؤل والحب والرضا فتأكد انه سيتأثر بهذه الصداقة في حياته الأسرية، وكذلك الوضع بالنسبة للفتاة، سوف تطبق هذه الأفكار في حياتها.
رفض الدورات فكان الطلاق
سارة (22 عاماً) تعمل إدارية في احدى الشركات الخاصة، تؤكد على أهمية الدورات، سواء قبل الزواج أو بعده، خاصة إذا كان الزوجان يفتقدان للحوار والانسجام العاطفي في علاقتهما معاً وتعلق قائلة: عندما تزوجت افتقدت الكثير من الصفات الايجابية في زوجي منها: التفاهم وكيفية التعبير عن مشاعر الحب والاهتمام وبدلاً من ان ألومه على ذلك طلبت منه بشكل حضاري أن نلتحق معاً في دورات تدعم فينا التفاهم وتعرفنا كيف نتعامل معاً في حياتنا الزوجية، للأسف رفض مجرد الحديث عن الموضوع واعتبره مضيعة للمال والوقت في حين كان رأيي أنها تبني أساساً متيناً للحياة الزوجية، كما أنها تضع أيدينا على أساس المشكلة وتحاول إيجاد حلول لها، مع الوقت وازدياد الخلافات بيننا وتصميمه على رأيه لم نجد بداً من الطلاق السلمي بدلاً من الزواج الشائك.
محاولة جديدة
لاستعادة السعادة
عبد الله مدرس في المرحلة المتوسطة، متزوج منذ ثلاث سنوات واجه عند بداية حياته الزوجية العديد من المشكلات مع زوجته وكان سببها الأول كما يقول اصرار كل طرف على رأيه يقول: بعد حوالي سنة من زواجنا اكتشفت ان زوجتي تتعامل معي بندية وتصميم على رأيها، حتى وإن كان خطأ وبدأت أشعر أننا في حلبة صراع البقاء فيها للأقوى فسبحان الله قرأت إعلاناً في احدى الجرائد المحلية عن دورات للمقبلين على الزواج، ولم انتظر طلبت المركز واستعلمت عن الدورات، التحقت أنا في البداية ولما وجدت استفادة كبيرة طلبت من زوجتي أن تلتحق بالدورات الخاصة بالنساء، وبعد عدة أسابيع اكتشفت مقدار الأخطاء التي كنا نقع فيها.
وعما إذا كان هناك توقيت معين أو فترة تلجأ فيها الفتاة لمثل هذه الدورات. تقول رولا: هناك فتيات يحضرن في فترة الخطوبة وأخريات في بداية زواجهن.
مشروع يبحث عمن يتبناه
رولا كانت صاحبة بادرة فكرة جديدة وهي تبني مشروع دورات للرجل السعودي: كيف يخطط لحياته مع زوجته. كيف يعرف أن حياته تبدأ مع زوجته وكيف يكون قدوة لزوجته. وكيف يربي أبناءه وكيف يكون قدوة حسنة بتصرفاته أمامهم.
إقبال..
يرى إقبال مرضاح مستشار العلاقات أن هناك رغبة من قبل الجنسين في الالتحاق بالدورات التدريبية، وان كان الغالب الأعظم من الفتيات، أما اسباب هذا الإقبال في رأي مرضاح فهي:
الفتاة لا تجد حرجاً في أن تلتحق بهذه الدورات، بل تعتبر ذلك زيادة لها معرفياً وتطويراً لذاتها.
تحب أن تكون على دراية بما يعزز مكانتها لدى شريك حياتها.
رغبتها في معرفة أنماط السلوك لدى الطرف الآخر وهذا لا يتأتى إلا من خلال حضور مثل هذه الدورات.
أما عن إقبال الشباب من الرجال فيقول المرضاح:
كثرة وقوع حالات الطلاق والخلافات الزوجية، جعل العقلاء من الرجال يحرصون على الالتحاق ببرامج تعينهم على بناء حماية وحاجز بينهم وبين وقوع الانفصال، لكن بعض الشباب المقبلين على الزواج يتحرج من حضور مثل هذه البرامج والسبب في ذلك ما يدعيه بحكم شخصيته الرجولية بأنه يعرف كل شيء ولا حاجة لمثل هذه البرامج، ويرى أن حضوره نقص لقدراته ومهاراته وإبراز ضعفه الشخصي.
رولا صالح باصمد، اختصاصية التدريب في جمعية الشقائق ومدربة معتمدة من الأكاديمية العالمية للتدريب عندما سألناها عن أهمية الدورات التي تقدم للشباب والفتيات، سواء المقبلين على الزواج أو المتزوجين حديثاً قالت: هناك بالفعل وعي مجتمعي لهذه الدورات وإقبال من الطرفين، خاصة الفتيات لأنهن يحاولن تجنب المشكلات التي تعرض لها الأهل أو الاخوان.
لكل من الزوجين عالمه الخاص
هناك دراسة تقول أن 95% من المشاكل الزوجية هي بسبب عدم فهم كل طرف لشريك حياته. والعلاج المبدئي هو أن يدرك كل طرف وكل شريك أن شريك حياته له عالمه الخاص وطريقة تفكير مختلفة
والله الموفق لما يحب ويرضى