|
قسم منتدى الرافضة {الشيعة }والرد عليهم قسم يختص في اظهار عقيدة الشيعة {الرافضة }وشدة خطرها على الاسلام والمسلمين والرد عليهم بمنهج اهل السنة والجماعة |
![]() |
أدوات الموضوع |
10-18-2011 | #1 |
مراقبة سابقة متميزة
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: في أرض الله الواسعة
المشاركات: 1,245
معدل تقييم المستوى: 7 |
![]() حوار هادئ مع الشيعة ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ مقدمةهذه الصفحة لحقائق و براهين تستحق منك وقفة لتأملها و إدراك أبعادها.
مقابلة مع أول رئيس إيراني.
متقبس من الموقع: http://islamicweb.com/arabic/shia/ وسيتم الطرح تباعا بإذن الله تعالى
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة عاتكة ; 10-18-2011 الساعة 07:44 PM |
10-18-2011 | #2 |
مراقبة سابقة متميزة
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: في أرض الله الواسعة
المشاركات: 1,245
معدل تقييم المستوى: 7 |
رد: حوار هادئ مع الشيعة!
أولا: مناظرات مع الشيعة"
1-حوار هادئ منطقي مع الشيعة 2-مـناظرة بـيـن علماء الــسنة و علماء الــشيعة
__________________
|
10-19-2011 | #3 |
مراقبة سابقة متميزة
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: في أرض الله الواسعة
المشاركات: 1,245
معدل تقييم المستوى: 7 |
رد: حوار هادئ مع الشيعة!
4-مناظرة بين الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه و أحد الرافضة
هذه مناظرة بين الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه مع أحد الرافضة وتوجد منها نسختان: النسخة الأولى نسخة تركيا في خزانة شهيد علي باشا باستنبول ضمن مجموع رقمه 2764 حوى عدة رسائل في العقيدة والحديث هذه الرسالة الحادية عشرة منه. النسخة الثانية نسخة الظاهرية وقد وقعت ضمن مجاميعها في المجموع رقم 111 وهي الرسالة التاسعة عشر منه. محقق الكتاب : علي بن عبدالعزيز العلي آل شبل. الناشر : دار الوطن - السعودية - الرياض هاتف 4644659-4626124. 5-حوار بين الشـيخ إحسـان إلــهي و علماء الرافضةنص الرسالة: تم بحمد الله وصلواته على محمد وآله وأصحابه وأزواجه وسلامه ، على يد العبد المذنب الراجي عفو الله الخائف من عقاب الله يوسف بن محمد بن يوسف الهكاري في شهر الله الأحد رجب من سنة تسع وستين وستمائة . رحم الله من ترحم عليه وعلى والديه وعلى جميع المسلمين . ***ملاحظة / : بذل محقق الكتاب درجة عظيمة في التعليق على الكتاب مما يتعذر الإتيان به هنا . ******** بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله : (وسنة -لعلها سقطت في- لقيني في الحج بمكة المكرمة بعض العلماء الكبار من الـــشيعـــة وتكلموا حول كتابي وقالوا: لا ينبغي كتابة مثل هذا الكتاب في مثل هذه الظروف والآونة فقلت لهم : نعم ، ولكم حق، ولكن هل لكم أن تخبروني أن في الكتاب غير ماهو موجود في كتبكم أنتم ؟ فقالوا نعم ، كل مافيه من كتبنا نحن ولكن لاينبغي إثارة المسائل كهذه. فقلت : ماذا ترون؟ قالوا: وهم يطيرون فرحاً وسروراً من استماعي و إصغائي لهم: صادر هذا الكتاب وأحرقه و لا تطبعه ثانية قلت :موافق، ولكن بشرط؟ أجـــــــابوا وهم لايصدقون قولي من شدة الفرح : بشروط ومقبولة قبل أن تذكرها. فقلت: ولابد من الذكر ، وشرط واحد؟ هـــــــات وما هو؟ قلت: أن تصادروا جميع تلك الكتب التي نقلت عنها هذه الخرافات والخزعبلات، وإحراقها حتى لايبقى بعد ذلك خلاف قطعاً وأبدا، ولاينقل عنها أحد غيري و بعدي ، فنستأصل الجذر حتى لاتطلع منها شجرة. فرجعوا إلى أنفسهم وقالوا: إنك تعرف أن هذه الأشياء كانت مبعثرة، منتشرة في أوراق الكتب وصفحاتها ، ولم يكن في متناول كل أحد ، ولكنك ألفت وجمعت كلها في كتاب، وأردت أن تفرق بها كلمة المسلمين؟ نعم جمعت وألفت وجعلت هذه العقائد في متناول الجميع بعد أن كانت معروفة لدى قوم واحد ، والآخرون كانوا في غفلة منها وعدم العلم ، ألفت حتى يكون كلا الطرفين على بينة ومعرفة لا يخدع واحد دون أحد. حتى يكون التقارب ، الحقيقي ، ومن جانبين ، لا من جانب واحد كما قال الفضل ابن عباس: لا تطمعوا أن تهـيـنونا و نكـرمكـم *** وأن نكـف الأذى عنكـم و تـؤذونـا الله يـعـلـم أنـا لا نـحـبـكــم *** و لا نـلـومـكـم إن لا تـحـبـونـا وأما أن يكون بأن نكرمكم ونكرم أكابركم وأعيانكم وأنتم تبغضونا و تبغضون أسلاف هذه الأمة و مسنيها، وبانى مجدها ، و رافعي شمخها، و معلني كلمتها، الفاتحين الغزاة ،المجاهدين الكماة ونصدق لكم في القول ونظهر مافي قلوبنا ونفوسنا وتستعملون التقية وتبطنون خلاف ما تعلنون فلا يكون ولن يكــــــــــــــــــــون. نعم إن وجد في كتابي ملا يوجد في كتبكم ، ونسبت إليكم شيئاً لم يكن فيكم فأنا مدين، وهل فيكم وفي غيركم أحد يستطيع أن يثبت شيئاً من هذا. ) ******** 6-أجيبوا أيها الروافض إن استطعتم ********** 7-لماذا يغير المرء عقيدته ؟ ***********
__________________
|
10-20-2011 | #4 |
مراقبة سابقة متميزة
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: في أرض الله الواسعة
المشاركات: 1,245
معدل تقييم المستوى: 7 |
رد: حوار هادئ مع الشيعة!
الرد على إدعاءات الشيعة 8-شــهادة أئمة الشــيعة ضد الشــيعة
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة عاتكة ; 10-21-2011 الساعة 02:32 PM |
10-21-2011 | #5 |
مراقبة سابقة متميزة
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: في أرض الله الواسعة
المشاركات: 1,245
معدل تقييم المستوى: 7 |
رد: حوار هادئ مع الشيعة!
11-طقوس عاشوراء عند الرافضة
![]()
__________________
|
10-22-2011 | #6 |
مراقبة سابقة متميزة
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: في أرض الله الواسعة
المشاركات: 1,245
معدل تقييم المستوى: 7 |
رد: حوار هادئ مع الشيعة!
12-من هم أهل الـبـيـت؟
__________________
|
10-24-2011 | #7 |
مراقبة سابقة متميزة
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: في أرض الله الواسعة
المشاركات: 1,245
معدل تقييم المستوى: 7 |
رد: حوار هادئ مع الشيعة!
15-محبة أهل البيت للخلفاء الراشدين
__________________
|
10-27-2011 | #8 |
مراقبة سابقة متميزة
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: في أرض الله الواسعة
المشاركات: 1,245
معدل تقييم المستوى: 7 |
رد: حوار هادئ مع الشيعة!
5-قصة شيعي اهتدى للإسلام اخوتي في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 1-قـصـة الـغـارنشأت في اسرة رافضية في مجتمع رافضي في احدى قرى البحرين. فشربت التشيع وعشت في الوهم عاشق للحسين مبغضا للصحابة الكرام لأنهم سلبو آل محمد حقهم والكثير من الإفتراءات التي ملئت عقلي وقلبي فأضحى اسود كالفحم عافاكم الله. وشددت الرحال منذ نعومة اضفاري الى القبور في العراق وأيران والبحرين طالبا المدد والعون من غير الله. وغير هذه الإشياء من الأمور التي هي ليست الا شرك وكفر بالمولى الرحمن. كيف اهتديت: كنت منذ صغري اهوى القراءة وكانت قرائتي دوما لكتب الشيعة المخدرة المنافقة التي تسبل على التشيع اسمى معاني الإنسانية كجواد مغنية واشرطة احمد الوائلي وعبد الحميد المهاجر وغيرهم. وقع يدي كتاب فاضح الروافض في القرن العشرين احسان الاهي ظهير رحمه الله وجعل جنات عدن مثواه. لم أصدق ما قرأت وبغظته بغظا شديدا. لكن هذه القراءة نكتت في قلبي نكتة بيضاء فسعيت احاول ان اقرب في قلبي الشيعة والسنة فصب علي الأمر لأني كنت احاول ان اجمع بين نقيضين بين الظلمات والنور وأصبح في قلبي شعور خافت بأن الحق هو مع اهل السنة ولكن أن اترك ديني ودين أبائي لايمكن لايمكن. ما هو الحل أذا؟ الغفلة واللهو نعم هو ما تجهت اليه لهو وغفلة هروبا من الحقيقة الكامنة في القلب ولكن ويأبى الله الا ان يتم نوره. فبعد ليلة صاخبة انتهت عند مطلع الفجر ذهبت للنوم كالعادة رأيت في المنام ان ملك الموت ينزع روحي فصرخت بملئ في رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت مكررا هذه الآيه وأفقت مرعوبا خائفا فأذا بأذان الظهر من مسجد اهل السنة القريب من بيتي فقمت من فوري واغتسلت وتوجهت الى المسجد لا ادري ماذا حدث ساقتني رجلاي الى مسجد اهل السنة وصليت الجماعة. وكذلك صلاة العصر ولازلت كذلك الى يومنا هذا اسأل الله الثبات. ومما ساعدني كذلك انتقال اهلي للسكنى بالمنامة في مناطق السنة مما سهل علي الأمر كثيرا. المواجهة لم يعجب اهلي الأمر فبدأت رحلة العذاب وهو الهجر والعداء. هجمت علي امي باكية ومزقت ثيابي وألقت بنفسها امام رجلي تنوح وتبكي ,ابي وأعمامي وأخواني وأصدقائي الكل هجرني. كنت احس في قلبي بحلاوة الإيمان ولكن في نفس الوقت احس بالحزن والكآبة للوعة الهجران. الرئيا الثانية في يوم حزين في المساء رفعت يدي الى السماء ودعوت المولى عز وجل سائلا الثبات شاككيا اليه ضعفي ثم توجهت للنوم. رئيت نفسي في المنام اني أمشي في سكة الحديد والمكان مظلم ومغلق من جميع النواحي واذ بي اسمع بصوت القطار خلفي فقمت اجري لأهرب من القطار وانظر يمينا وشمالا ولا أجد مهربا وعندما قارب القطار أن يدهسني رأيت فرجة صغيرة فألقيت نفسي فيها لأنجو من القطار ورأيت القطار فإذا هو أسود حالك السواد فنجوت به. فإذا بي أسمع هاتفا يناديني ولكني لاأراه يسألني من تريد فقلت دونما شعور أريد عمر لملذا قلت عمر لا أدري. فقال لي الهاتف اصعد الدرج وكان درجا طويلا فصعدت الدرج راكضا شوقا الى رؤياه فلمل صعدت رئيته جالسا على الأرض فتصافحنا بكل شوق. فسئلته دونما سابق ميعاد اين رسول الله عليه الصلاة والسلام فأشار الى الغرفة خلفه. فذهبت راكضا متلهفا فرئيت رسول الله نعم رئيته فأمسك بيدي مبتسما لم يقل شيئا كان ماسكا بيدي وهو مبتسم والتم من حولنا الصحابة الكرام هكذا حسبتهم مبتسمين وانا لا يسعني الفرح ثم افقت من النوم. فوجدت حلاوة الإيمان في قلبي وذهبت المرارة والحزن ووجد ت القوة والعزيمة الشديدة0 اسال الله سبحانه الهداية والثبات على الحق. والحمد لله ان هداني لاتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم. وهدى الله على يدي ثلاث من أخوتي فضلا منه وجودا وكرم. وأرجو كل من يقرأ هذا المقال ان يدعوا لوالدي بالهداية. وختاما قول لجميع الشيعة لا تعيشوا في الوهم اقرئوا كتب احسا الهي ظهير ومحمد مال الله والكثيير من المراجع التي لاتخلو منها مكتبة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وائل الحجيري إحصائيات عن الشـيعة (7.58% من المسلمين شيعة و الباقي سنة) *الدفاع عن خير البرية بسم الله الرحمان الرحيم توجه رسول الله (ص) بصحبة أبي بكر الصديق إلى غار ثور و هو على ثلاثة أميال من جنوب غربي مكة المكرمة. و لما انتهينا إلى الغار قال أبو بكر رضي الله عنه للنبي (ص): "مكانك يا رسول الله أستبرئ لك الغار." و دخله أبو بكر و جعل يسد الأحجار كلها، فبقى منها جحر واحدة ألقمه كعب رجله، ثم نادى رسول الله (ص)، فدخل عليه الصلاة و السلام و وضع رأسه في حجر أبي بكر الصديق و نام لشدة ما اعتراه من تعب. و لدغ أبو بكر رضي الله عنه من ذلك الجحر الذي وضع عليه رجله، فلم يتحرك لئلا يوقظ رسول الله (ص)، و لكن دموعه سقطت من شدة الألم على وجه رسول الله (ص) فانتبه عليه السلام، و قال لأبي بكر الصديق: "مالك؟" قال : "لدغت فداك أبي و أمي"، فوضع عليها من ريقه الشريف فزال الألم. و لما أصبحا قال النبي (ص) لأبي بكر الصديق : "أين ثوبك؟"، فأخبره أنه مزقه و وضعه في الحجار، فرفع النبي (ص) يديه و قال: "اللهم اجعل أبا بكر معي في درجتي في الجنة". و لما علم المشركون بخروج رسول الله (ص) و أبي بكر الصديق، ذهبوا في طلبهما كل مطلب، و جعلوا لمن ردهما مائة من الإبل الذي هما فيه، و جعلوا يمرون من باب الغار و لا يرونهما، فلم يدخلوه إذ رأوا على بابه نسيج العنكبوت، كما رأوا حمامتين قد عششتا على بابه، و كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يرى القوم فيعتر الخوف على رسول الله (ص) و كان عليه الصلاة و السلام يطمئنه و يقول:"لا تحزن إن الله معنا." 2-دفاعاً عن الصحابة لقد زكّى الله صحابة الرسول عموماً و المهاجرين و الأنصار خاصة وأشار إلى بعضهم مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي نصّ القرآن صراحة أن الله معه : إِلاّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا(40) التوبة فمن يكون أفضل من اثنين الله ثالثهما ؟ وهل يكون أحد أفضل من أبي بكر إلا النبي صلى الله عليه وسلم ؟! فما من أحد يعادي أبا بكر الصديق إلا كان عدواً لله ، فقد نص القرآن أن الله مع أبي بكر، كما أخبره الرسول صلى الله عليه و سلم بالغار، و وصفه الله أنه صاحب رسول الله، و قد أجمع السنة و الشيعة و الخوارج على أن أبو بكر هو صاحب رسول الله (صلى الله عليه و سلم) في الغار. و لم ينل أحد هذا الفضل إلا أبو بكر الصديق رضي الله عنه. و من أفضال أبو بكر أن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) قد جعله أميراً للحج. قال بن القيّم: ثم أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد رجوعه من تبوك -بقيّة رمضان و شوّال و ذي القعدة- ثم بعث أبا بكر رضي الله عنه أميراُ على الحج ليقيم للناس حجهم. و أهل الشرك على دينهم و منازلهم من حجهم. فخرج أبو بكر في ثلاثمائة من المدينة. و بعث رسول الله (صلى الله عليه و سلم) بعشرين بدنة. قلّدها و أشعرها بيده، ثم نزلت سورة "براءة" في نقض ما بين رسول الله (صلى الله عليه و سلم) و بين المشركين من العهد الذي كانوا عليه، فأرسل بها علي بن أبي طالب على ناقته العضباء، ليقرأ "براءة" على الناس. و ينبذ إلى كل ذي عهد عهده, فلمّـا لقي أبا بكر قال له: "أمير, أو مأمور؟ فقال علي: بل مأمور", فلمّـا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب، فقال: يا أيها الناس! لا يدخل الجنة كافر, و لا يحج بعد العام مشرك، و لا يطوف بالبيت عريان. و من كان له عهد عند رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) فهو إلى مدّته. زاد المعاد (1 / 186). و بعد ذلك، و في آخر أيّـامه صلّى الله عليه و سلّم عندما مرض يأمر أبا بكر ليصلّي بالناس بدلاُ عنه صلّى الله عليه و سلّم و علي و العبّاس رضي الله عنهما كانا حاضرين. و إن كان أحد قد توهم أن نص القرآن بفضل أبي بكر و ما ذكرناه من إمامة أبو بكر (رضي الله عنه) لا علاقة له بأحقيته في الخلافة، فإن علي (رضي الله عنه) قد تكفل في الرد على هذا الزعم. فقد قال علي (رضي الله عنه) عن الخلافة في كتاب نهج البلاغة و هو أصدق الكتب عند الشيعة: (((( و إنا لنرى أبا بكر أحق بها - أي بالخلافة - إنه لصاحب الغار. و إنا لنعرف سنه. و لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالصلاة خلفه و هو حي )))). نهج البلاغة، تحقيق العالم الشيعي الشريف الرضي 1 / 132 و يقول علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) و هو يذكر بيعته لأبي بكر ((... فمشيت عنـد ذلك إلى أبـي بكر فبـايعته و نهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل و زهق و كانت ( كلمة الله هي العليا و لو كره الكافرون ) فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر و سدد و قارب و اقتصد فصحبته مناصحاً و أطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً )). الغارات للثقفي (2 / 305). و يقول عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه (( لله بلاء فلان فقد قوم الأود، و داوى العمد، خلف الفتنة و أقام السنة، ذهب نقي الثوب قليل العيب، أصاب خيرها وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه، رحل وتركهم في طرق متشعبة لا يهتدي فيها الضال ولا يستيقن المهتدي )). نهج البلاغة ص (509). و انظر شهادة الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه في فضل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن سائر صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم. و انظر أيضاً إلى محبة أهل البيت (الذين يدعي الشيعة الإنتماء لهم) لأبو بكر الصديق رضي الله عنه. 2. أم المؤمنين عائشة: أحب الناس إلى رسول الله: لقد زكّى الله أزواج النبي وعلى رأسهن عائشة بنت أبي بكر، و برأها في سورة النور من حديث الإفك، و جعلها الله وبقية أزواج النبي أمهات للمؤمنين، فمن كان مؤمناً فإن عائشة أمّه، و لا ينال منها إلا من أعلن أنّ التي سمّاها الله ( أم المؤمنين) ليست أمّه ، وبذلك فهو يعلن أنه ليس من المؤمنين. النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ (6) الأحزاب ستحمل عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها لقب ( أم المؤمنين) إلى يوم القيامة رغماً عن كل راغم، فمن لم يعجبه كلام الله ، فليمت في غيظه ، ولن يعالج مرضه سوى الكيّ بنار جهنم. و من أحسن من أم المؤمنين عائشة (ر) و هي أرجح نساء رسول الله (ص) عقلاً و أفقههم ديناً و أحبَّهنَّ إليه؟ أخرج البخاري: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ كَانَتْ لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ إِلاَ رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ. و أخرج أيضاً: أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَام. و أخرج مسلم في صحيحه: عَنْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ قُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ عُمَرُ فَعَدَّ رِجَالاً. 3. صحابة رسول الله من المهاجرين و الأنصار: زكّى الله صحابة الرسول عموماً ورضي عنهم : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما (29) الفتح فمن أغاظه الصحابة ، فليراجع دينه ، فالآية صريحة و واضحة. والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم (100) التوبة لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا (18) الفتح. و الصحابة كانو ألفاً و أربعمئة. و الرضا من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أن يوافيه على موجبات الرضا -و من رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً- فكل من أخبر الله عنه أنه رضي عنه فإنه من أهل الجنة، و إن كان رضاه عنه بعد إيمانه و عمله الصالح؛ فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه و المدح له. فلو علم أنه يتعقب ذلك بما سخط الرب لم يكن من أهل ذلك. فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم، و رضي عنهم، و أنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم أو الشك فيهم البتة. و عن عمرو عن جابر قال : كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم : (( انتم اليوم خير أهل الأرض )). لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم (117) التوبة لا يختلف اثنان أن كبار الصحابة أمثال الخلفاء الراشدين والمهاجرين والأنصار ، أنهم أول من شملتهم هذه الآيات الكريمة، فضلاً عن بقية الصحابة و عددهم ثلاثين ألفاً. فالسابقون الأولون مشهورون و معروفة أسمائهم و لا يجهلهم أحد على مستوى العالم بأسره، وقد نصّ القرآن أن الله قد رضي عنهم وبشرهم بالجنة، فكيف نترك كلام الله و نسمع لمن في قلبه مرض ، الذي يريدنا أن نبغض من أحبهم الله ؟ هل بلغ بنا الغباء أن نسجُر أنفسنا بنار جهنم فنعادي ونحارب من أحبهم الله. وهذه آيات عامة تزكي المهاجرين والأنصار وصحابة رسول الله عموماً: والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (9) الحشر للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون (8) الحشر إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم (218) البقرة فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب (195) آل عمران والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم (74) الأنفال الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون (20) التوبة يجب أن نحب ونقتدي بمن أحبه الله وأنزل به سلطاناً في كتابه العظيم، ولكن لا نعبدهم وندعوهم من دون الله.فأولياء الله يفترض أن يأمرونا بعبادة الله لا بعبادتهم هم .فالجاهل يظن أنه إن عبد وليـّاً لله فسوف يرضى الله عنه. والجاهل يظن أنه لو دعا وليـّاً لله لاستجاب الله له. و لو علم هذا الجاهل أنه بفعله يحرم نفسه من رحمة الله وعفوه إلى الأبد ما دعا من دون الله أحداً. ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون (79) ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون (80) آل عمران النبي لا يدعو الناس لعبادته أو لعبادة الملائكة و لكن لعبادة الله. فإذا لم يأمرنا النبي بعبادته أو عبادة الملائكة فكيف نعبد من هم أقل منه وأقل من الملائكة ، كالصالحين والأئمة وغيرهم من الناس ؟
__________________
|
10-30-2011 | #9 |
مراقبة سابقة متميزة
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: في أرض الله الواسعة
المشاركات: 1,245
معدل تقييم المستوى: 7 |
رد: حوار هادئ مع الشيعة!
3-اعتقاد أهل السنة في الصحابة
إن الحمد لله. نحمده، ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد، فإن اعتقاد أهل السنة في الصحابة يمثل الركيزة الرئيسة لدراسة تاريخهم رضي الله عنهم. ولابد أن يحصل الانحراف والتشويه لتاريخهم إذا دُرس بمعزل عن العقيدة. ولأهمية هذا الموضوع نجد عامة كتب الاعتقاد عند أهل السنة تبينه بشكل جلي. ولا يمكن أن نجد كتاباً من كتب أهل السنة التي تبحث جوانب العقيدة المختلفة إلا ونجد هذا المبحث؛ ككتاب ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) للألكائي، و ((السنة)) لابن أبي عاصم، و ((السنة)) لعبد الله أحمد بن حنبل، و ((الإبانة)) لابن بطة، و ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) للصابوني. . وغيرها. بل كل إمام من أئمة السنة حينما يذكر عقيدته ولو في ورقة واحدة أو أقل، لا بد وأن يشير إلى موضوع الصحابة؛ إما من جهة فضلهم، أو فضل الخلفاء الرشدين، أو من جهة عدالتهم، والنهي عن سبهم والطعن فيهم، أو الإشارة إلى الكف والإمساك عما شجر بينهم. . الخ (راجع على سبيل المثال: ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) للألكائي (ت 418 هـ) (10/151-186) حيث ذكر المؤلف عقيدة عشرة من كبار أئمة أهل السنة، أشاروا إلى ما ذكرت، وقد حققه د. أحمد سعد حمدان الغامدي). من أجل ذلك أردت في بحثي هذا أن أبرز أهمية هذا الاعتقاد بجوانبه المختلفة، ومدى الخطورة المترتبة على تركه حين بحث تاريخ الصحابة. فالبحث إذن يركز على الناحية العقائدية، وقد يبحث بعض الجوانب الأخرى إجمالاً؛ لاقتضاء ضرورة البحث ذلك، مثل الإشارة إلى أحكام سب الصحابة، والإشارة إلى ضرورة تحقيق الروايات حول تاريخ الصحابة. فهذا المبحث يمكن أن أعتبره مدخلاً ضرورياً للنظر في أحول الصحابة، يحتاجه المؤرخ والباحث في مجال الفرق وأقوالهم. وكذلك لمن يريد دراسة سيرة أحد من الصحابة. . وغير ذلك. وقد إلى عدة مباحث كما يلي: أولاً: أدلة عدالتهم من القرآن الكريم، ومن السنة المطهرة، فاخترت مايدل على ذلك دلالة ظاهرة من الآيات والأحاديث الصحيحة، مع تعليقات بعض الآئمة. ثانياً: منزلة الصحبة لا يعدلها شئ، بحثت فيه فضلهم على من بعدهم. ثالثاً: أنواع سبهم وحكم كل نوع، وضحت فيه الفرق بين السب الذي يطعن في عدالتهم، وما دون ذلك. وكذلك من سب ما تواترت النصوص بفضله، ومادون ذلك. ومن سبهم جملة، أو سب بعضهم. وأشرت في آخر هذا المبحث إلى حكم من سب أم المؤمنين عائشة، بما برأها الله منه. ومن ثم أحكام بقية أمهات المؤمنين. رابعاً: وأتبعت ذلك ببحث للآثار المترتبة على السب ولوازم السب. خامساً: الموقف فيما شجر بينهم؛ وضحت فيه بعض الأسس والجوانب التي ينبغي أن ينظر إليها الباحث حين بحثه لما شجر بينهم؛ لكيلا يقع في سبهم. وبعد، أخي القارئ. . لا أزعم أني سآتي بجديد، وإنما جمعت أقوالاً مختارة للأئمة، ورتبتها ترتيباً معيناً، لهدف محدد، وهو إبراز أهمية اعتقاد أهل السنة في هذا الجانب، والتحذير من كل ما ينافي ذلك بأي نوع من أنواع التنقيص، فهو جهد يُضَم إلى كل الجهود التي سطرها المنتسبون إلى مذهب السلف في هذا المجال، سواء في مجال العقيدة، أو الفرق، أو التاريخ، أو الحديث، أو غيره. نسأل الله عز وجل أن يرزقنا حب صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن يحشرنا في زمرتهم. ونسأل الله التوفيق والسداد. وصلى الله وسلم وبارك على رسوله محمد وآله وصحبه. محمد بن عبد الله مطبعة السفير / الرياض الـفـهـرس أدلة عدالة الصحابة :أولا : من الكتاب العزيز ثانيا : من السنة المطهرة خلاصة ماسـبق منزلة الصحابة لا يعادلها شيء : سب الصحابة وحكمه : أولا : من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق ، جميعهم أو بعضهم ثانيا : من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم ثالثا : أما من سب صحابي لم يتواتر النقل بفضله رابعا : أما سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم وقفة مع المنهج الموضوعي خامسا : حكم سب ام المؤمنين عائشة سادسا : حكم سب بقية أمهات المؤمنين لوازم الـسـب : الإمساك عما شجر بينهم : أسس البحث في تاريخ الصحابة : أدلة عدالة الصحابة من الكتاب العزيز عدالة الصحابة عند أهل السنة من مسائل العقيدة القطعية، أو مما هو معلوم من الدين بالضرورة، ويستدلون لذلك بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة. الآية الأولى: يقول الله عز وجل: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً} (سورة الفتح: 18). قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: كنا ألفا وأربعمائة (صحيح البخاري: كتاب المغازي -باب عزوة الحديبية- حديث [4154] فتح الباري: 7/507. طبعة الريان). فهذه الآية ظاهرة الدلالة على تزكية الله لهم، تزكية لا يخبر بها، ولا يقدر عليها إلا الله. وهي تزكية بواطنهم وما في قلوبهم، ومن هنا رضي عنهم. ((ومن رضي عنه تعالى لا يمكن موته على الكفر؛ لأن العبرة بالوفاة على الإسلام. فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام)) (الصواعق المحرقة: ص 316 ط). ومما يؤكد هذا ما ثبت في صحيح مسلم من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد؛ الذين بايعوا تحتها)) (صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة. . حديث [2496]. صحيح مسلم 4/1943. قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((والرضا من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أن يوافيه على موجبات الرضا -ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً- فكل من أخبر الله عنه أنه رضي عنه فإنه من أهل الجنة، وإن كان رضاه عنه بعد إيمانه وعمله الصالح؛ فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه والمدح له. فلو علم أنه يتعقب ذلك بما سخط الرب لم يكن من أهل ذلك)) (الصارم المسلول: 572، 573. طبعة دار الكتب العلمية. تعليق: محمد محيي الدين عبد الحميد). وقال ابن حزم: ((فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزلا السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم أو الشك فيهم البتة)) (الفصل في الملل والنحل: 4/148). الآية الثانية: قوله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ترااهم رُكعاً سُجدا يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثَلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سُوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً} (سورة الفتح: 29). قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: ((بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة -رضي الله عنهم- الذين فتحوا الشام، يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا. وصدقوا في ذلك؛ فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظهما وأفضلها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى هنا: {ذلك مثلهم في التوراة}. ثم قال: {ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه} أي فراخه. {فآزره} أي: شده {فاستغلظ} أي: شب وطال. {فاستوى على سوقه يعجب الزراع} أي فكذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آزروه وأيدوه ونصروه، فهو معهم كالشطء مع الزراع ليغيظ بهم الكفار)) (الاستيعاب لابن عبد البر 1/6 ط. دار الكتاب العربي بحاشية الإصابة، عن ابن القاسم. وتفسير ابن كثير: 4/204 ط. دار المعرفة -بيروت، دون إسناد). وقال ابن الجوزي: ((وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور)) (زاد المسير: 4/204). الآية الثالثة: قوله تعالى: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم} إلى قوله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} (سورة الحشر: 8 - 10). يبين الله عز وجل في هذه الآيات أحوال وصفات المستحقين للفئ، وهم ثلاثة أقسام: القسم الأول: {للفقراء المهاجرين}. والقسم الثاني: {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم}. والقسم الثالث: {والذين جاءوا من بعدهم}. وما أحسن ما استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية الكريمة، أن الذي يسب الصحابة ليس له من مال الفئ نصيب؛ لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء -القسم الثالث- في قولهم: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} الآية (تفسير ابن كثير: 4/339). قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ((الناس على ثلاث منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. قال: ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين} إلى قوله: {رضوانا} فهؤلاء المهاجرون. وهذه منزلة قد مضت {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} إلى قوله: {ولو كان بهم خصاصة}. قال: هؤلاء الأنصار. وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم} إلى قوله: {ربنا إنك رءوف رحيم} قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم)) (الصارم المسلول: 574، والأثر رواه الحاكم 2/3484 وصححه ووافقه الذهبي). وقالت عائشة رضي الله عنها: ((أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسبوهم)) (رواه مسلم في كتاب التفسير-حديث [3022] صحيح مسلم 4/2317). قاال أبو نعيم: ((فمن أسوأ حالاً ممن خالف الله ورسوله وآب بالعصيان لهما والمخالفة عليهما. ألا ترى أن الله تعالى أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأن يعفو عن أصحابه ويستغفر لهم ويخفض لهم الجناح، قال تعالى: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} (سورة آل عمران: 159). وقال: {واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين} (سورة الشعراء: 215). فمن سبهم وأبغضهم وحمل ما كان من تأويلهم وحروبهم على غير الجميل الحسن، فهو العادل عن أمر الله تعالى وتأديبه ووصيته فيهم. لا يبسط لسانه فيهم إلا من سوء طويته في النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته والإسلام والمسلمين)) (الإمامة: ص 375-376. لأبي نعيم تحقيق د. علي فقهي، مكتبة العلوم والحكم بالمدينة ط1 عام 1307 هـ). وعن مجاهد، عن ابن عباس، قال: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم، وقد علم أنهم سيقتتلون)) (الصارم المسلوم: 574. وانظر منهاج السنة 2/14 والأثر رواه أحمد في الفضائل رقم (187، 1741) وصحح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية، ونسب الحديث لابن بطة منهاج السنة 2/22). الآية الرابعة: قوله تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} (سورة التوبة: 100). والدلالة في هذه الآية ظاهرة. قال ابن تيمية: (فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان. ولم يرض عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان) (الصارم المسلول: 572). ومن اتباعهم بإحسان الترضي عنهم والاستغفار لهم. الآية الخامسة: قوله تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتوا وكلا وعد الله الحسنى} (سورة الحديد: 11). والحسنى: الجنة. قال ذلك مجاهد وقتادة (تفسير ابن جرير: 27/128. دار المعرفة 0بيروت ط الراعبة 1400 هـ). واستدل ابن حزم من هذه الآية بالقطع بأن الصحابة جميعاً من أهل الجنة لقوله عز وجل: {وكلا وعد الله الحسنى} (الفصل: 4/148، 149. ط). الآية السادسة: قوله تعالى: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم} (سورة التوبة: 117). وقد حضر غزوة تبوك جميع من كان موجوداً من الصحابة، إلا من عذر الله من النساء والعجزة. أما الثلاثة الذين خُلفوا فقد نزلت توبتهم بعد ذلك. الـفـهـرس أدلة عدالة الصحابة من السنة المطهرة الحديث الأول: عن أبي سعيد، قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شئ، فسبه خالد. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تسبوا أحداً من أصحابي؛ فإن أحدكم لو أنفق مثل اُحُد ذهباً ما أدرك مُد أحدِهم ولا نصِيفَه)) (رواه البخاري: كتاب فضائل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- باب قول النبي لو كنت متخذاً خليلاً- حديث/ 3673. ومسلم: كتاب فضائل الصحابة -باب تحريم سب الصحابة- حديث/ 2541. صحيح مسلم 4/1967م. والنصيف هو النصف. والسياق لمسلم ط. عبد الباق). قال ابن تيمية في الصارم المسلول: وكذلك قال الإمام أحمد وغيره: كل من صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة أو شهراً أو يوماً أو رآه مؤمناً به، فهو من أصحابه، له من الصحبة بقدر ذلك. فإن قيل: فلِمَ نَهى خالداً عن أن يسب أصحابه إذا كان من أصحابه أيضاً؟ وقال: ((لو أن أحدكم انفق مثل اُحُد ذهباً ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه))؟ قلنا: لأن عبد الرحمن بن عوف ونظراءه من السابقين الأولين، الذين صحبوه في وقت كان خالد وأمثاله يعادونه فيه، وأنفقوا أموالهم قبل الفتح وقاتلوا، وهم أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا، وكلا وعد الله الحسنى. فقد انفردوا من الصحبة بما لم يشركهم فيه خالد ونظراؤه، ممن أسلم بعد الفتح الذي هو صلح الحديبية وقاتل. فنهى أن يسب أولئك الذين صحبوه قبله. ومن لم يصحبه قط نسبته إلى من صحبه، كنسبة خالد إلى السابقين، وأبعد (الصارم المسلول: ص576). الحديث الثاني: قال -صلى الله عليه وسلم- لعمر: ((وما يدريك، لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) (صحيح البخاري فتح الباري: حديث 3983. وصحيح مسلم: حديث 2494. عبد الباقي). قيل: ((الأمر في قوله: ((اعملوا)) للتكريم. وأن المراد أن كل عمل البدري لا يؤاخذ به لهذا الوعد الصادق)). وقيل: ((المعنى إن أعمالهم السيئة تقع مغفورة، فكأنها لم تقع)) (معرفة الخصال المكفرة لابن حجر العسقلاني: ص 31 تحقسق جاسم الدوسري -الأولى 1404 هـ). وقال النووي: ((قال العلماء: معناه الغفران لهم في الآخرة، وإلا فإن توجب على أحد منهم حد أو غيره أقيم عليه في الدنيا. ونقل القاضي عياض الإجماع على إقامة الحد. وأقامه عمر على بعضهم -قدامة بن مظعون قال: وضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- مسطحاً الحد، وكان بدرياً)) (صحيح مسلم بشرح النووي: 16/56، 57). وقال ابن القيم: ((والله أعلم، إن هذا الخطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم لا يفارقون دينهم، بل يموتون على الإسلام، وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارفه غيرهم من الذنوب، ولكن لا يتركهم سبحانه مصرين عليها، بل يوفقهم لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحو أثر ذلك، ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم؛ لأنه قد تحقق ذلك فيهم، وأنهم مغفور لهم. ولا يمنع ذلك كون المغفرة حصلت بأسباب تقوم بهم، كما لا يقتضي ذلك أن يعطلوا الفرائض وثوقاً بالمغفرة. فلو كانت حصلت بدون الاستمرار على القيام بالأوامر لما احتاجوا بعد ذلك إلى صلاة ولا صيام ولا حج ولا زكاة ولا جهاد وهذا محال)) (الفوائد لابن القيم: ص 19، المكتبة القيمة، الأولى 1404 هـ). الحديث الثالث: عن عمران بن الحصين رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذيم يلونهم)). قال عمران: ((فلا أدري؛ أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثاً)) (البخاري: حديث [3650]. ومسلم: حديث [2535]. وهذا سياق البخاري مختصراً). الحديث الرابع: عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((النجوم أمَنةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، وأنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يُوعَدُون،وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يُوعَدُون)) (صحيح مسلم: حديث [2531]. والأمنة هي الأمان). الحديث الخامس: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أكرموا أصحابي؛ فإنهم خياركم)) (رواه الإمام أحمد، والنسائي، والحاكم بسند صحيح. انظر مشكاة المصابيح: 3/1695. ومسند الإمام أحمد بتحقيق أحمد شاكر: 1/112). وفي رواية أخرى: ((احفظوني في أصحابي)) (رواه ابن ماجة: 2/64. وأحمد: 1/81. والحاكم: 1/114. وقال: صحيح ووافقه الذهبي وقال البوصيري: إسناد رجاله ثقات -زوائد ابن ماجة 3/53 وانظر بقية كلامه). الحديث السادس: عن واثلة يرفعه: ((لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأي من رآني وصاحبني)) (رواه ابن أبي شيبة 12/178، وابن أبي عاصم: 2/630. في السنة ومن طريق المصنف، ورواه الطبراني في الكبير 22/85. وعنه أبو النعيم في معرفة الصحابة 1/133، وقد حسنه الحافظ في الفتح 7/5، وقال الهيثم في الجمع 10/20: رواه الطبراني من طرق رجال أحدها رجال الصحيح). الحديث السابع: عن انس رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الانصار )) ( البخاري 7 / 113 ، ومسلم 1 / 85 ) . وقال في الأنصار كذلك : (( لا يحبهم غلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق )) ( البخاري 7 / 113 ومسلم 1 / 85 من حديث البراء رضي الله عنه ) . وهناك أحاديث أخرى ظاهرة الدلالة على فضلهم بالجملة . اما فضائلهم على التفصيل فكثيرة جدا . وقد جمع الإمام أحمد رحمه الله في كتابه (( فضائل الصحابة )) مجلدين ، قريبا من ألفي حديث وأثر . وهو أجمع كتاب في بابه . ( وقد حققه د . وصي الله بن محمد ، ونشرته جامعة أم القرى عام 1403 هـ ) . الـفـهـرس خلاصة ما سبق نستنتج من العرض السابق للآيات والأحاديث في مناقب الصحابة ما يلي: أولاً: إن الله عز وجل زكى ظاهرهم وباطنهم؛ فمن تزكية ظواهرهم وصفهم بأعظم الأخلاق الحميدة، ومنها: {أشداء على الكفار رحماء بينهم} (الفتح/29). {وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} (الحشر/9). {ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} (الحشر/10). أما بواطنهم، فأمر اختص به الله عز وجل، وهو وحده العليم بذات الصدور. فقد أخبرنا عز وجل بصدق بواطنهم وصلاح نياتهم؛ فقال على سبيل المثال: {فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم} (الفتح/18). {يحبون من هاجر إليهم} (التوبة/177). {يبتغون فضلاً من الله ورضواناً} (الفتح/9). {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} (التوبة/117). فقد تاب عليهم سبحانه وتعالى؛ لما علم صدق نياتهم وصدق توبتهم. والتوبة عمل قلبي مخص كما هو معلوم. . وهكذا. ثانياً: بسبب توفيق الله عز وجل لهم لأعظم خلال الخير ظاهراً وباطناً أخبرنا أنه رضي عنهم وتاب عليهم، ووعدهم الحسنى. ثالثاً: وبسبب كل ما سبق أمرنا بالاستغفار لهم، وأمر النبيُ -صلى الله عليه وسلم- بإكرامهم، وحفظ حقوقهم، ومحبتهم. ونُهينا عن سبهم وبغضهم. بل جعل حبهم من علامات الإيمان، وبغضهم من علامات النفاق. رابعاً: ومن الطبيعي بعد ذلك كله أن يكونوا خير القرون، وأماناً لهذه الأمة. ومن ثم يكون اقتداء الأمة بهم واجباً، بل هو الطريق الوحيد إلى الجنة: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)) (رواه أحمد 4/126، 127 وأصحاب السنن والدارمي. والحديث صححه جماعة من المحدثين -انظر جامع العلوم والحكم لابن رجب الحديث (38) ص 387، دار الفرقان ط. الأولى 1411هـ وانظر الإرواء (2544) 107/8 للتوسع). الـفـهـرس منزلة الصحابة لا يعادلها شيء تعظيم الصحابة ومعرفة قدرهم أمر مقرر عند كبارهم ، ولو كان اجتماع الرجل به - صلى الله عليه وسلم - قليلا ، وضي الله عنهم . قال الحافظ بن حجر ذاكرا ما يدل على ذلك : (( فمن ذلك ما قرأت في كتاب " أخبار الخوارج " تأليف محمد بن قدامة المروزي - ثم ذكر سنده - إلى أن قال : عن نبيج العنزي عن ابي سعيد الخدري ، قال : كنا عنده وهو متكئ ، فذكرنا عليا ومعاوية ، فتناول رجل معاوية ، فاستوى أبو سعيد الخدري جالسا ، فذكر قصته حينما كان في رفقة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ابو بكر ورجل من الاعراب - إلى ان قال أبو سعيد - : ثم رأيت ذلك البدوي اتي به عمر بن الخطاب وقد هجا الانصار . فقال لهم عمر : لولا ان له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما ادري ما نال فيها لكفيتكموه ( رواه أحمد 3 / 51 دون كلام عمر ، ورواه بلفظه علي بن الجعد 2 / 956 ، قال الهيثمي 4 / 92 : رجاله ثقات ، وعزاه ابن حجر ليعقوب بن شيبة كما في إسناده عنه ، وعزاه شيخ الإسلام لابي ذر الهروي الصارم المسلول 590 ) قال الحافظ : ورجاله ثقات . فقد توقف عمر رضي الله عنه عن معاتبته ، فضلا عن معاقبته، لكونه علم أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي ذلك ابين شاهد على أنهم كانوا يعتقدون أن شأن الصحبة لا يعدلها شيء. حدثنا وكيع ، قال : سمعت سفيان يقول في قوله تعالى : { قل الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى } قال : هم اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . ( الآية في النحل 59 ، والاثر عند الطبري 20 / 3 ط دار المعرفة ، وانظر ابن كثير 3 / 369 ط المعرفة ) . )) . انتهى من الإصابة . ( 1 / 20 - 22 ) فهذا الاصطفاء والاختيار أمر لا يتصور ولا يدرك ولا يقاس بعقل ، ومن ثم لا مجال لمفاضلتهم مع غيرهم مهما بلغت اعمالهم . قال ابن عمر : (( لا تسبوا اصحاب محمد ، فلمقام احدهم ساعة خير من عمل أحدكم أربعين سنة )) . ( رواه أحمد في فضائل الصحابة 1 / 57 ، ابن ماجة 1 / 31 ، وابن أبي عاصم 2 / 484 ، والخبر صححه البويصيري في زوائد ابن ماجة 1 / 24 ، والمطالب العلية 4 / 146 ، وحسنه الالباني في صحيح ابن ماجة 1 / 32 ) . وفي رواية وكيع : (( خير من عبادة احدكم عمره )) . وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل ، لمشاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما من اتفق له الذب عنه ، والسبق إليه بالهجرة ، أو النصرة ، أو ضبط الشرع المتلقى عنه وتبليغه لمن بعده ، فإنه لا يعدله أحد ممن يأتي بعده ، لأنه ما من خصلة إلا وللذي سبق بها مثل اجر من عمل بها من بعده ، فظهر فضلهم .( فتح الباري 7 / 7 ) . قال النووي : (( وفضيلة الصحبة - ولو لحظة - لا يوازيها عمل ، ولا تنال درجتها بشيء ، والفضائل لا تؤخذ بالقياس ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء )) . ( شرح أصول اعتقاد أهل السنة للاكائي 1 / 160 ) . ايضا التزكية الداخلية لهم من الله عز وجل ، العليم بذات الصدور ، مثل قوله تعالى : { فعلم ما في قلوبهم } ، وقبول توبتهم { لقد تاب الله عن النبي والمهاجرين والأنصار} ، ورضاه عنهم { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } . . . ألخ ، كل ذلك اختصوا به ، فانى لمن بعدهم مثل هذه التزكيات ؟ لكن قد يقول قائل : لقد وردت بعض الروايات الدالة على خلاف ما ذكرت ( من أشهر من قال ذلك الإمام ابن عبد البر ، والاستدلال المذكور هو من أقوى استدلالاته ، والجمهور على خلافه كما ذكرنا ) ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابي ثعلبة : (( تاتي ايام للعامل فيهن أجر خمسين )) . قيل منهم أو منا يا رسول الله؟. قال : (( بل منكم )) . ( رواه أبو داوود 4341 ، والترمذي 2 / 177 ، وابن ماجة 4014 ، وابن حبان 1850 ، قال الترمذي : حديث حسن غريب ، صححه الالباني بشواهده -الصحيحة 494 ) . وكذلك ما روى ابو جمعة رضي الله عنه ، قال : قال أبو عبيدة : يا رسول الله أحد خير منا ؟ اسلمنا معك وجاهدنا معك ؟ . قال : (( قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني )) . ( رواه أحمد والدارمي 4 / 106 ، والطبراني 4 / 22-23 ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي 4 / 85 ، قال ابن حجر : إسناده حسن - الفتح 7 / 6 . انظر الفتح الرباني 1 / 103 -104 ). وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث والأحاديث السابقة من عدة وجوه ، أهمها : الوجه الأول : حديث (( للعامل فيهن أجر خمسين )) لا يدل على الأفضلية ، لأن مجرد زيادة الأجر على بعض الاعمال لا يستلزم ثبوت الأفضلية مطلقا . الوجه الثاني : أن المفضول قد توجد فيه مزايا وفضائل ليست عند الفاضل ، ولكن من حيث مجموع الخصال لا يساوي الفاضل . الوجه الثالث : يقال كذلك : إن الأفضلية بينهما إنما هي باعتبار ما يمكن أن يجتمعا فيه ، وهو عموم الطاعات المشتركة بين سائر المؤمنين، فلا يبعد حينئذ تفضيل بعض من يأتي على بعض الصحابة في ذلك ، اما ما اختص به الصحابة رضوان الله عليهم وفازوا به ، من مشاهدة طلعته صلى الله عليه وسلم ورؤية ذاته المشرفة المكرمة ، فامر من وراء العقل ، غذ لا يسع احد أن ياتي من الأعمال وإن جلت بما يقارب ذلك فضلا عن أن يمائله . ( الصواعق المحرقة للهيثمي ) . الوجه الرابع : إن الرواة لم يتفقوا على لفظ حديث ابي جمعة ، فقد رواه بعضهم بلفظ الخيرية كما تقدم ، ورواه بعضهم بلفظ (( قلنا يا رسول الله هل من قوم اعظم منا أجرا ؟ )) اخرجه الطبراني . قال الحافظ في الفتح : (( وإسناد هذه الرواية أقوى من إسناد الرواية المتقدمة )) ، وهي توافق حديث ابي ثعلبة ، وقد تقدم الجواب عنه والله أعلم . وأخيرا : ينبغي التنبيه في ىخر هذه الفقرة إلى أن الخلاف بين الجمهور وغيرهم في ذلك لا يشمل كبار الصحابة من الخلفاء ، وبقية العشرة ، ومن ورد فيهم فضل مخصوص ، كاهل العقبة وبدر وتبوك . . ألخ . وإنما يحصل النزاع فيمن لم يحصل له إلا مجرد المشاهدة . ولذلك استثنى الإمام ابن عبد البر أهل بدر والحديبية .( فتح الباري 7 / 7 ). الـفـهـرس سب الصحابة وحكمه ينقسم سب الصحابة ألى انواع ، ولكل نوع من السب حكم خاص به . والسبب : هو الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف ، وهو ما يفهم من السب بعقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم ، كاللعن والتقبيح ونحوهما . ( الصارم المسلول 561) . وسب الصحابة رضوان الله عليهم دركات بعضها شر من بعض ، فمن سب بالكفر أو الفسق ، ومن سب بامور دنيوية كالبخل ، وضعف الرأي . وهذا السب أما أن يكون لجميعهم أو أكثرهم ، أو يكون لبعضهم أو لفرد منهم ، وهذا الفرد إما ان يكون ممن تواترت النصوص بفضله أو دون ذلك . وإليك تفاصيل وبيان أحكام كل قسم : الـفـهـرس من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق ، جميعهم أو بعضهم فلا شك في كفر من قال بذلك لأمور من أهمها : إن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق ، وبذلك يقع الشك في القرآن والأحاديث ، لأن الطعن في النقلة طعن في المنقول . إن في هذا تكذيبا لما نص عليه القرآن من الرضا عنهم والثناء عليهم ( فالعلم الحاصل من نصوص القرآن والأحاديث الدالة على فضلهم قطعي ) . ( الرد على الرافضة ص19 ) . ومن أنكر ما هو قطعي فقد كفر . إن في ذلك إيذاء له صلى الله عليه وسلم ، لأنهم أصحابه وخاصته ، فسب المرء خاصته والطعن فيهم ، يؤذيه ولا شك . وأذى الرسول صلى الله عليه وسلم كفر كما هو مقرر . قال شيخ الإسلام ابن تيمية مبينا حكم هذا القسم : (( وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا ، أو أنهم فسقوا عامتهم ، فهذا لا ريب أيضا في كفره ، لأنه مكذب لما نص القرآن في غير موضع ، من الرضا عنهم والثناء عليهم ، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين . . - إلى ان قال - وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام )) . ( الصارم المسلول 586- 587 ) . وقال الهيثمي رحمه الله : (( ثم الكلام - أي الخلاف - إنما هو في سب بعضهم ، أما سب جميعهم فلا شك في أنه كفر )) . ( الصواعق المحرقة 379 ) . ومع وضوح الأدلة الكلية السابقة ، ذكر بعضالعلماء أدلة اخرى تفصيلية ، منها : أولا : ما مر معنا من تفسير العلماء للآية الأخيرة من سورة الفتح ، من قوله { محمد رسول الله والذين معه } إلى قوله { ليغيظ بهم الكفار } استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية كفر من يبغضون الصحابة ، لان الصحابة يغيظونهم ، ومن غاظه الصحابة فهو كافر ، ووافقه الشافعي وغيره . ( الصواعق المحرقة ص317 ، وتفسير ابن كثير 4 / 204 ) . ثانيا : ما سبق ذكره من حديث أنس عند الشيخين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الانصار )) ، وفي رواية : (( لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق )) . ولمسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : )) لا يبغض الأنصار رجل آمن بالله واليوم الآخر )) ، فمن سبهم فقد زاد على بغضهم ، فيجب أن يكون منافقا لا يؤمن بالله ولا اليوم الآخر . ( الصارم المسلولص581 ) . ثالثا : ما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، انه ضرب بالدرة من فضله على أبي بكر ، ثم قال عمر : (( أبو بكر كان خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا وكذا )) ، ثم قال عمر : (( من قال غير هذا أقمنا عليه ما نقيم على المفتري )) . ( فضائل الصحابة للإمام أحمد 1 / 300 ، وصححه ابن تيمية في الصارم ص585 ). وكذلك قال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب : (( لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري )) . ( فضائل الصحابة 1 / 83 ، والسنة لابن ابي عاصم 2 / 575 عن طريق الحكم بن جحل وسنده ضعيف لضعف أبي عبيدة بن الحكم ، انظر فضائل الصحابة 1 / 83 ، لكن له شواهد أحدهما من طريق علقمة عن علي عند ابن ابي عاصم في السنة 2 / 48 ، حسن الالباني إسناده ، والأخر عن سويد بن غفلة عن علي عند الالكائي 7 / 1295 ) . فإذا كان الخليفتان الراشدان عمر وعلي رضي الله عنهما يجلدان حد المفتري من يفضل عليا على أبي بكر وعمر ، أو يفضل عمرا على أبي بكر ، مع ان مجرد التفضيل ليس فيه سب ولا عيب ، علم عقوبة السب عندهما فوق هذا بكثير . ( الصارم المسلول ص 586 ) . الـفـهـرس من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم كأن يتهمهم بالكفر أو الفسق ، وكان ممن تواترت النصوص بفضله . ( بعض العلماء يقيد ذلك بالخلفاء ، والبعض يقتصر على الشيخين ، ومن العلماء من يفرق باعتبار تواتر النصوص بفضله او عدم تواترها ، ولعله الأقرب والله اعلم ، وكذلك بعض من يكفر ساب الخلفاء يقصر ذلك على رميهم بالكفر ، والآخرون يعممون بكل سب فيه طعن في الدين ) : فذلك كفر على الصحيح ، لأن في هذا تكذيبا لامر متواتر . روى ابو محمد بن ابي زيد عن سحنون ، قال : (( من قال في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، أنهم كانوا على ضلال وكفر ، قتل ، ومن شتم غيرهم من الصحابة بمثل ذلك نكل النكال الشديد )) . ( الشفا للقاضي عياض 2/ 1109 ) . وقال هشام بن عمار : (( سمعت مالكا يقول : من سب ابا بكر وعمر ، قتل ، ومن سب عائشة رضي الله عنها ، قتل ، لأن الله تعالى يقول فيها : { يعظكم الله أن تعودوا لمثله ابدا إن كنتم مؤمنين } فمن رماها فقد خالف القرآن ، ومن خالف القرآن قتل )) . ( الصواعق المحرقة ص384 ) . أما قول مالك رحمه الله في الرواية الأخرى : (( ومن سب أبا بكر ، جلد ، ومن سب عائشة ، قتل . قيل له : لم ؟ . قال : من رماها فقد خالف القرآن )) . فالظاهر - والله اعلم - أن مقصود مالك رحمه الله هنا في سب أبي بكر رضي الله عنه فيما هو دون الكفر ، ويوضحه بقية كلامه عن عائشة رضي اللع عنها ، حيث قال : (( من رماها فقد خالف القرآن )) فهذا سب مخصوص يكفر صاحبه - ولا يشمل كل سب - وذلك لأنه ورد عن مالك القول بالقتل فيمن كفر من هو دون أبي بكر . ( الشفا 2 / 1109 ) . قال الهيثمي مشيرا إلى ما يقارب ذلك عند كلامه عن حكم سب أبي بكر : (( فيتلخص ان سب أبي بكر كفر عند الحنفية ، وعلى أحد الوجهين عند الشافعية ، ومشهور مذهب مالك أنه يجب به الجلد ، فليس بكفر . نعم قد يخرج عنه ما مر عنه في الخوارج أنه كفر ، فتكون المسألة عنده على حالين : إن اقتصر على السب من غير تكفير لم يكفره وإلا كفره )) .( الصواعق 386 ) . وقال أيضا : (( وأما تكفير أبي بكر ونظرائه ممن شهد لهم النبي صلىالله عليه وسلم بالجنة ، فلم يتكلم فيها أصحاب الشافعي ، والذي أراه الكفر فيها قطعا )) . ( الصواعق 385 ) . وقال الخرشي : (( من رمى عائشة بما برأها الله منه . . . أو أنكر صحبة أبي بكر ، أو إسلام العشرة ، أو إسلام جميع الصحابة ، أو كفر الأربعة ، أو واحدا منهم ، كفر )) . (الخرشي على مختصر خليل 8 / 74 ) . وقال البغدادي : (( وقالوا بتكفير كل من أكفر واحدا من العشرة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ، وقالوا بموالاة جميع أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكفروا من أكفرهن ، أو أكفر بعضهن )) . ( الفرق بين الفرق ص 360 ) . والمسألة فيها خلاف مشهور ، ولعل الراجح ما تقدم ، وأما القائلون بعدم تكفير من هذه حاله ، فقد اجمعوا على أنه فاسق ، لارتكابه كبيرة من كبائر الذنوب ، يستحق عليه التعزير والتأديب ، على حسب منزلة الصحابي ، ونوعية السب . وإليك بيان ذلك : قال الهيثمي : (( أجمع القائلون بعدم تكفير من سب الصحابة على أنهم فساق )) . ( الصواعق المحرقة ص383 ) . وقال ابن تيمية : (( قال ابراهيم النخعي : كان يقال : شتم أبي بكر وعمر من الكبائر ، وكذلك قال أبو اسحاق السبيعي : شتم أبي بكر وعمر من الكبائر التي قال الله تعالى فيها : { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } . وإذا كان شتمهم بهذه المثابة ، فأقل مافيه التعزير ، لأنه مشروع في كل معصية ليس فيها حد أو كفارة . وهذا مما لا نعلم فيه خلافا بين أهل الفقه والعلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين بأحسان ، وسائر أهل السنة والجماعة ، فإنهم مجمعون على أن الواجب الثناء عليهم والاستغفار لهم والترحم عليهم . . . وعقوبة من اساء فيهم القول )) . ( اللالكائي 8 / 1262 -1266 ) . وقال القاضي عياض : ((وسب أحدهم من المعاصي الكبائر ، ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر ولا يقتل )) . ( مسلم بشرح النووي 16 / 93 ) . وقال عبد الملك بن حبيب : (( من غلا من الشيعة إلى بغض عثمان والبراء منه أدب أدبا شديدا ، وإن زاد إلى بغض أبي بكر وعمر ، فالعقوبة عليه اشد ، ويكرر ضربه ويطال سجنه حتى يموت )) . ( الشفا 2 / 1108 ) . فلا يقتصر في السب أبي بكر رضي الله عنه على الجلد الذي يقتصر عليه في غيره ، لأن ذلك الجلد لمجرد حق الصحبة ، فإذا انضاف إلى الصحبة غيرها مما يقضي الاخترام ، لنصرة الدين وجماعة المسلمين وما حصل على يده من الفتوح وخلافة النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك ، كان كل واحدة من هذه الأمور تقتضي مزيد حق موجب لزيادة العقوبة عند الاجتراء عليه . ( الصواعق المحرقة 387 ) . وعقوبة التعزير المشار إليها لا خيار للإمام فيها ، بل يجب عليه فعل ذلك . قال الإمام أحمد رحمه الله : (( لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم ، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص ، فمن فعل ذلك وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ، ليس له أن يعفو عنه ، بل يعاقبه ويستتيبه ، فإن تاب قبل منه ، وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة ، وخلده الحبس ختى يموت أو يرجع )) . ( طبقات الحنابلة 1 /24 ، والصارم المسلول 568 ) . فانظر أخي المسلم إلى قول إمام اهل السنة فيمن يعيب أو يطعن بواحد منهم ، ووجوب عقوبته وتأديبه . ولما كان سبهم المذكور من كبائر الذنوب عند بعض العلماء فحكم فاعله حكم أهل الكبائر من جهة كفر مستحلها . قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، مبينا حكم استحلال سب الصحابة : (( ومن خص بعضهم بالسب ، فإن كان ممن تواتر النقل في فضله وكماله كالخلفاء ، فإن اعتقد حقية سبه أو اباحته فقد كفر ، لتكذيبه ما ثبت قطعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومكذبه كافر ، وإن سبه من غير اعتقاد حقية سبه أو إباحته فقد تفسق، لأن سباب المسلم فسوق ، وقد حكم البعض فيمن سب الشيخين بالكفر مطلقا ، والله أعلم )) . ( الرد على الرافضة ص19 ) . وقال القاضي أبو يعلي - تعليقا على قول الإمام أحمد رحمه الله حين سئل عن شتم الصحابة، فقال : "ما أراه على الإسلام " ، قال أبو يعلي : (( فيحتمل أن يحمل قوله : ما أراه على الإسلام ،إذا استحل سبهم ، فإنه يكفر بلا خلاف ، ويحمل إسقاط القتل على من لم يستحل ذلك مع اعتقاده تحريمه ، كمن يأتي بالمعاصي . . . )) ثم ذكر بقية الاحتمالات . ( الصارم المسلول ص 571 وما قبلها ). يتلخص مما سبق فيمن سب بعضهم سبا يطعن في دينه وعدالته ، وكان ممن تواترت النصوص بفضله ، انه يكفر - على الراجح - لتكذيبه امرا متواترا . أما من لم يكفره من العلماء ، فاجمعوا على أنه من أهل الكبائر ، ويستحق التعزير والتأديب ، ولا يجوز للإمام أن يعفو عنه ، ويزاد في العقوبة على حسب منزلة الصحابي . ولا يكفر عندهم إلا إذا استحل السب . أما من زاد على الاستحلال ، كأن يتعبد الله عز وجل بالسب والشتم ، فكفر مثل هذا مما لا خلاف فيه ، ونصوص العلماء السابقة واضحة في مثل ذلك . وباتضاح هذا النوع بإذن الله ، يتضح ما بعده بكل يسر وسهولة ، ولذلك اطلنا القول فيه . الـفـهـرس أما من سب صحابي لم يتواتر النقل بفضله فقد بينا فيما سبق رجحان تكفير من سب صحابيا تواترت النصوص بفضله من جهة دينه ، أما من لم تتوانر النصوص بفضله ، فقول جمهور العلماء بعدم كفر من سبه ، وذلك لعدم إنكاره معلوما من الدين بالضرورة ، إلا أن يسبه من حيث الصحبة . قال الإمام محمد بن عبد الوهاب : (( وإن كان ممن لم يتواتر النقل بفضله وكماله ، فالظاهر أن سابه فاسق ، إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يكفر )) . ( الرد على الرافضة ص19 ) . الـفـهـرس أما سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم فلا شك أن فاعل ذلك يستحق التعزير والتأديب ، ولكن من مطالعتي لأقوال العلماء في المراجع المذكورة ، لم أر أحدا منهم يكفر فاعل ذلك ، ولا فرق عندهم بين كبار الصحابة وصغارهم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( واما إن سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم ، مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك ، فهو الذي يستحق التأديب والتعزير ، ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك ، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء )) . ( الصارم المسلول ص 586 ) . وذكر أبو يعلي من الأمثلة على ذلك اتهامهم بقلة المعرفة بالسياسة . ( الصارم المسلول ص 571 ) . ومما يشبه ذلك اتهامهم بضعف الرأي ، وضعف الشخصية ، والغفلة ، وحب الدنيا ، ونحو ذلك . وهذا النوع من الطعن تطفح به كتب التاريخ ، وكذلك الدراسات المعاصرة لبعض المنسوبين لأهل السنة ، باسم الموضوعية والمنهج العلمي . وللمستشرقين أثر في غالب الدرسات التي من هذا النوع . الـفـهـرس وقفة مع المنهج الموضوعي ولعل من المناسب هنا أن نقف وقفة قصيرة جدا ، نبين فيها فساد هذا المنهج، وخطورة تطبيقه على تاريخ الصحابة . والمنهج الموضوعي ، عند الغربيين يعني ان يبحث الموضوع بحثا عقليا مجردا ، بعيدا عن التصورات الدينية . ( راجع منهج كتابة التاريخ للعلياني ص 138 ) . فنقول ردا على ذلك : أولا : المسلم لا يمكن ان يتجرد من عقيدته بأي حال من الأحوال ، إلا أن يكون كافرا بها . ( راجع في تفصيل ذلك ، وفي الرد على دعوى الموضوعية ، بحث مخطوط للدكتور رشاد خليل 34 -37 ) . ثانيا : كذلك بالنسبة للتاريخ الإسلامي ، إذا ثبتت الحوادث في ميزان نقد الرواية ، فبأي منهج نفهمها ونفسرها ؟ إذا لم نفسرها بالمنهج الإسلامي ، فلا بد أن نختار منهجا أخر . فنقع في الانحراف من حيث لا نعلم . وبناء على ذلك ، يجب أن نحذر من تطبيق هذا المنهج على تاريخ الصحابة. ويجب ان نعلم ايضا أن ما يسمى بالنقد العلمي أو الموضوعية لتاريخ الصحابة ، هو السب الوارد في كتب اهل البدع ، وفي كتب الاخبار ، وتسميته بالمنهج العلمي لا يخرجه من حقيقته التي عرف بها عند أهل السنة ، وأيضا تسميته بذلك لا تعلي من قيمته ، كما لا يعلي من قيمته أن يردده كتاب مشهورون ، وفيهم اولو فضل وصلاح . وإنما كل ما فعله المحدثون أنهم أحيوا هذا السب الذي أماته أهل السنة عندما كانت الدولة دولتهم . ( هذه الفقرة مأخوذة من البحث القيم للدكتور رشاد خليل ) . والذي أوصي به نفسي وإخواني الباحثين في تاريخ الصحابة إلا يتخلوا عن عقيدتهم ، ومنها الاعتقاد بعدالة الصحابة وتحريم سبهم عند البحث في تاريخهم ، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلهم ، وليعلموا أن لأهل السنة منهجا واضحا في النظر إلى تلكم الأخبار ، كما سيأتي في آخر البحث . الـفـهـرس حكم سب ام المؤمنين عائشة أما من سب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه ، فقد أجمع العلماء انه يكفر . قال القاضي أبو يعلي : (( من قذف عائشة رضي الله عنها بما براها الله منه كفر بلا خلاف )) . وقد حكي الإجماع على هذا غير واحد من الأئمة لهذا الحكم . فروي عن مالك : (( من سب أبا بكر جلد ، ومن سب عائشة قتل . قيل له : لم ؟ قال : من رماها فقد خالف القرآن )) . ( الصارم المسلول ص 566 ) . وقال ابن شعبان في روايته ، عن مالك : (( لأن الله تعالى يقول : { يعظكم الله ان تعودوا لمثله ابدا إن كنتم مؤمنين } فمن عاد فقد كفر )) . ( الشفا 2 / 1109 ) . والأدلة على كفر من رمى أم المؤمنين صريحة وظاهرة الدلالة ، منها : أولا : ما استدل به الإمام مالك ، ان في هذا تكذيبا للقرآن الذي شهد ببراءتها ، وتكذيب ما جاء به القرآن كفر . قال الإمام ابن كثير : (( وقد اجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية ، فإنه يكفر ، لأنه معاند للقرآن )) . ( راجع تفسير ابن كثير 3 / 276 ، عند تفسير قوله تعالى { إن الذين يرمون المحصنات . . . } ) . وقال ابن حزم - تعليقا على قول الإمام مالك السابق - : (( قول مالك هاهنا صحيح ، وهي ردة تامة ، وتكذيب لله تعالى في قطعه ببراءتها )) . ( المحلي 11 / 15 ) . ثانيا : إن فيه إيذاء وتنقيصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، من عدة وجوه ، دل عليها القرآن الكريم ، فمن ذلك : إن ابن عباس رضي الله عنهما فرق بين قوله تعالى { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء } وبين قوله { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات } ، فقال عند تفسير الآية الثانية : (( هذه في شأن عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، وهي مبهمة ليس توبة ، ومن قذف أامرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة . . . إلى آخر كلامه . . . قال : فهم رجل أن يقوم فيقبل رأسه من حسن ما فسر )) . ( انظر ابن جرير 18 / 83 ، وعنه ابن كثير 3 / 277 ) . فقد بين ابن عباس ، ان هذه الآية إنما نزلت فيمن قذف عائشة وامهات المؤمنين رضي الله عنهن ، لما في قذفهن من الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيبه ، فغن قذف المرأة أذى لزوجها ، كما هو أذى لابنها ، لأنه نسبة له إلى الدياثة وإظهار لفساد فراشه ، وإن زنى امرأته يؤذيه اذى عظيما . . ولعل ما يلحق بعض الناس من العار والخزي بقذف أهله اعظم مما يلحقه لو كان هو المقذوف . ( الصارم المسلول ص 45 ، والقرطبي 12 / 139 ) . وكذلك فإيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع . قال القرطبي عند قوله تعالى { يعظكم الله ان تعودوا لمثله ابدا } : (( يعني في عائشة ، لأن مثله لا يكون إلا نظير القول في المقول بعينه ، او فيمن كان في مرتبته من ازواج النبي صلى الله عليه وسلم ، لما في ذلك من إذاية رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه وأهله ، وذلك كفر من فاعله )) . ( القرطبي 12 / 136 ، عن ابن عربي في أحكام القرآن 3 / 1355 - 1356 ) . ومما يدل على أن قذفهن أذى للنبي صلى الله عليه وسلم ، ما أخرجه الشيخان في صحييهما في حديث الإفك عن عائشة ، قالت : (( فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبي سلول )) ، قالت : (( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر - : يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في اهل بيتي . . )) كما جاء في الصحيحين . فقوله : (( من يعذرني )) أي من ينصفني ويقيم عذري إذا انتصفت منه لما بلغني من اذاه في أهل بيتي ، والله أعلم . فثبت انه صلى الله عليه وسلم قد تاذى بذلك تأذيا استعذر منه . وقال المؤمنون الذين لم تاخذهم حمية : (( مرنا نضرب اعناقهم ، فإنا نعذرك إذا أمرتنا بضرب أعناقهم )) ، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على سعد استئماره في ضرب أعناقهم . ( الصارم المسلول ص 47 ) . قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب : (( ومن يقذف الطيبة الطاهرة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، لما صح ذلك عنه ، فهو من ضرب عبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين . ولسان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا معشر المسلمين من يعذرني فيمن أذاني في أهلي . { إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا مبينا } . . فأين أنصار دينه ليقولوا له : نحن نعذرك يا رسول الله )) . (الرد عل الرافضة 25-26 ) . كما أن الطعن بها رضي الله عنها فيه تنقيص برسول الله صلى الله عليه وسلم من جانب آخر ، حيث قال عز وجل : { الخبيثات للخبيثين .. } . قال ابن كثير : (( أي ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة ، لأنه أطيب من كل طيب من البشر ، ولو كانت خبيثة لما صلحت له شرعا ولا قدرا ، ولهذا قال تعالى { أولئك مبرءون مما يقولون } أي عما يقوله أهل الإفك والعدوان )) . ( ابن كثير 3 / 278 ) . الـفـهـرس حكم سب بقية أمهات المؤمنين اختلف العلماء في قذف بقية امهات المؤمنين ، والراجح الذي عليه الأكثرون : كفر فاعل ذلك ، لأن المقذوفة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى إنما غضب لها ، لأنها زوجته صلى الله عليه وسلم ، فهي وغيرها منهن سواء . ( البداية والنهاية 8 / 95 ) . وكذلك فيه تنقيصا وأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقذف حليلته . ( الشفا 2 / 1113 ، وراجع ايضا الصواعق المحرقة ص 387 ) . وقد بينا ذلك عند كلامنا عن حكم قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها . أما أن سب أمهات المؤمنين سبا غير ذلك فحكمهن حكم سائر الصحابة على التفصيل السابق . الـفـهـرس لوازم الـسـب تيقظ السلف الصالح رضوان الله عليهم لخطورة الطعن في الصحابة وسبهم ، وحذروا من الطاعنين ومقاصدهم ، وذلك لعلمهم بما يؤدي إليه ذلك السب من لوازم باطلة تناقض اصول الدين ، فقال بعضهم كلمات قليلة ، لكنها جامعة ، أذكرها في مقدمة هذا المبحث ، ثم أوضح - بعض الشيء - ما يترتب على السب غالبا .وسأركز في الرد على السب من القسم الأول والثاني ، من نسبة الكفر أو الفسق لمجموع الصحابة أو اكثرهم ، أو الطعن في عدالة من تواترت النصوص بفضله كالخلفاء رضي الله عنهم . قال الإمام مالك رحمه الله عن هؤلاء الذين يسبون الصحابة : (( إنما هؤلاء اقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يمكنهم ذلك ، فقدحوا في اصحابه ، حتى يقال رجل سوء ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحون )) . ( رسالة في سب الصحابة ، عن الصارم المسلول ص580 ). وقال الإمام أحمد رحمه الله : (( إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام )) . ( البداية والنهاية 8 / 142 ، وأنظر المسائل والرسائل المروية عن أحمد في العقيدة الأحمدية للأحمدي 2 / 363 ، 364 ) . وقال أبو زرعة الرازي رحمه الله : (( فإذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلم انه زنديق ، وذلك ان الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق ، والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم اولى وهم زنادقة )) . ( الكفاية للخطيب البغدادي 97 ) . وقال الإمام أبو نعيم رحمه الله : (( فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه )) . ( الإمامة لأبي نعيم 344 ) . ويقول أيضا : (( لا يبسط لسانه فيهم إلا من سوء طويته في النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والإسلام والمسلمين )) . ( الإمامة لأبي نعيم 376 ) . وتحذيرالعلماء هنا عام يشمل جميع الصحابة ، وتأمل قول إمام أهل السنة : (( يذكر أحدا من الصحابة بسوء )) ، وقول أبي زرعة : (( ينتقص أحدا )) ، فحذروا ممن ينتقص مجرد انتقاص أو ذكر بسوء ، وذلك دون الشتم أو التكفير ، ثم في واحد منهم وليس جميعهم ، فماذا يقال فيمن سب أغلبهم ؟! وإليك اخي إيضاح لبعض لوازم السب : أولا : يترتب على القول بكفر وإرتداد معظم الصحابة أو فسقهم إلا نفرا يسيرا ، الشك في القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، وذلك لأن الطعن في النقلة طعن في المنقول ، إذ كيف نثق بكتاب نقله إلينا الفسقة والمرتدون - والعياذ بالله - ولذلك صرح بعض أهل الضلال والبدع ممن يسب الصحابة بتحريف الصحابة للقرآن ، والبعض أخفى ذلك . وكذلك الامر بالنسبة للاحاديث النبوية ، فاذا اتهم الصحابة رضوان الله عليهم في عدالتهم ، صارت الأسانيد مرسلة مقطوعة لا حجة فيها ، ومع ذلك يزعم بعض هؤلاء الإيمان بالقرآن . فنقول لهم : يلزم من الإيمان بالقرآن الإيمان بما فيه ، وقد علمت أن الذي فيه أنهم خير الأمم ، وأن الله لا يخزيهم ، وأنه رضي عنهم . . . ألخ ، فمن لم يصدق ذلك فيهم ، فهو مكذب لما في القرآن ، ناقض لدعواه . ثانيا : هذا القول يقتضي أن هذه الأمة - والعياذ بالله - شر أمة أخرجت للناس ، وسابقي هذه الأمة شرارها ، وخيرها القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا وإنهم شر القرون . ( الصارم 587 ) كبرت كلمة تخرج من أفواههم . ثالثا : يلزم من هذا القول ، أحد أمرين : إما نسبة الجهل إلى الله تعالى عما يصفون ، أو العبث في هذه النصوص التي أثنى فيها على الصحابة . فإن كان الله عز وجل - تعالى عن قولهم - غير عالم بأنهم سيكفرون ، ومع ذلك اثنى عليهم ووعدهم الحسنى فهو جهل ، والجهل عليه تعالى محال . وإن كان الله عز وجل عالما بأنهم سيكفرون ، فيكون وعده لهم بالحسنى ورضاه عنهم عبث ، والعبث في حقه تعالى محال . ( انظر إتحاف ذوي النجابة لمحمد بن العربي التباني ص75 ) . ويتبع ذلك الطعن في حكمته عز وجل ، حيث اختارهم واصطفاهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فجاهدوا معه وآزروه ونصره واتخذهم أصهارا له ، حيث زوج ابنتيه ذا النورين عثمان رضي الله عنه ، وتزوج ابنتي الصديق وعمر رضي الله عنهما ، فكيف يختار لنبيه انصارا واصهارا مع علمه بأنهم سيكفرون ؟!. رابعا : لقد بذل رسول الله صلى الله عليه وسلم جهودا خارقة في تربية الصحابة على مدى ثلاثة وعشرين عاما ، حتى تكون بفضل الله عز وجل المجتمع المثالي في خلقه وتضحياته وزهده وورعه ، فكان صلى الله عليه وسلم اعظم مرب في التاريخ . لكن على العكس من ذلك ، فإن جماعة تدعي الإنتماء إلى الإسلام ونبي الإسلام ، تقدم لهذا المجتمع صورة معاكسة ، تهدم المجهودات التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم في مجال التربية والتوجيه ، وتثبت له إخفاقا لم يواجهه أي مصلح أو مرب خبير مخلص لم يكن مأمورا من الله ، كما كان الشأن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( صرح بعض من تولى كبر تلكم المزاعم والتهم والضلالات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينجح ، وأن الذي ينجح في ذلك المهدي الغائب - مهديهم - ) . إن الإمامية ترى أن المجهودات التي بذلها محمد صلى الله عليه وسلم لم تنتج إلا ثلاثة او أربعة - وفقا لبعض الروايات - ظلوا متمسكين بالإسلام إلى بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، أما غيرهم فقد قطعوا صلتهم بالإسلام - والعياذ بالله - فور وفاته صلى الله عليه وسلم ، وأثبتوا أن صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وتربيته اخفقت ولم يعد لها أي تأثير . وهذا الزعم يؤدي إلى اليأس من إصلاح البشرية ، وعدم الثقة في المنهج الإسلامي وقدرته على التربية وتهذيب الأخلاق ، وإلى الشك في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن الدين الذي لم يستطع أن يقدم للعالم عددا وجيها من نماذج عملية ناجحة بناءة ، ومجتمعا مثاليا في أيام الداعي وحامل رسالته الأول ، فكيف يستطيع أتباعه ذلك بعد مضي وقت طويل على عهد النبوة ؟! وإذا كان المؤمنون بهذه الدعوة لم يستطيعوا البقاء على الجادة القويمة ، ولم يعودوا أوفياء لنبيهم صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى ، فلم يبق على الصراط المستقيم الذي ترك عليه النبي صلى الله عليه وسلم أتباعه إلا أربعة فقط ، فكيف نسلم أن هذا الدين يصلح لتزكية النفوس وبناء الأخلاق ؟ وانه يستطيع أن ينقذ الإنسان من الهمجية والشقاء ، ويرفعه إلى قمة الإنسانية ؟ . بل ربما يقال : لو ان النبي صلى الله عليه وسلم كان صادقا في نبوته ، لكانت تعاليمه ذات تأثير ، ووجد هناك من آمن به من صميم القلب ، ووجد من بين العدد الهائل ممن امنوا به بضع المئات ثبتوا على الإيمان ، فإن كان أصحابه سوى بضعة رجال منهم منافقين ومرتدين - فيما زعموا - فمن دام بالإسلام ؟! ومن أنتفع بالرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وكيف يكون رحمة للعالمين ؟ . ( صورتان متضادتان للشيخ أبي الحسن الندوي ص 13 -45 -58-99 ) . الـفـهـرس الإمساك عما شجر بينهم قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا ذكر اصحابي فامسكوا ، وإذا ذكر النجوك فامسكوا ، وإذا ذكر القدر فامسكوا )) . ( أخرجه الطبراني في الكبير 2 / 78 / 2 ، وابو نعيم في الحلية 4 / 108 ، وفي الإمام من حديث ابن مسعود ، وقواه الالباني بطرقه وشواهده - السلسلة الصحيحة1 / 34 ) .ولذلك فمن منهج أهل السنة والجماعة الإمساك عن ذكر هفوات الصحابة وتتبع زلاتهم وعدم الخوض فيما شجر بينهم . قال ابو نعيم رحمه الله : (( فالإمساك عن ذكر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر زللهم ، ونشر محاسنهم ومناقبهم ، وصرف أمورهم إلى اجمل الوجوه ، من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان ، الذين مدحهم الله عز وجل بقوله : { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )) . ويقول ايضا في تعليقه على الحديث المشار إليه : (( لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم ، وإنما امروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الوجدة )) . ( الإمامة 347 ) . اذا فالإمساك المشار إليه في الحديث الشريف إمساك مخصوص يقصد منه عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب والخلافات على سبيل التوسع وتتبع التفصيلات ونشر ذلك بين العامة ، أو التعرض لهم بالتنقص لفئة والانتصار لاخرى . ( منهج كتابة التاريخ الإسلامي لمحمد بن صامل 227 ) . ونحن لم نؤمر بما سبق / وإنما أمرنا بالاستغفار لهم ومحبتهم ونشر محاسنهم وفضائلهم ، وإذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلابد من الذب عنهم ، وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل . ( منهاج السنة 6 / 254 ) . وهذا مما نحتاجه في زماننا ، حيث ابتليت الأمة المسلمة في جامعاتها ومدارسها بمناهج - يزعم أصحابها الموضوعية والعلمية - تخوض فيما شجر بين الصحابة بالباطل دون التأدب بالأداب التي علمنا إياها ربنا عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم . وكذلك وللأسف وصلت هذه العدوى إلى بعض الإسلاميين ، حتى إن بعضهم يجمع الغث والسمين من الروايات حول الفتنة التي وقعت بين الصحابة ، ثم يبني أحكامه دون الاسترشاد بأقوال الأئمة الأعلام وتحقيقاتهم . من أجل ذلك أردت أن أشير إلى بعض الأسس والتوجيهات التي ينبغي أن يعرفها الباحث إذا اقتضت الحاجة أن يبحث فيما شجر بينهم رضي الله عنهم . الـفـهـرس أسس البحث في تاريخ الصحابة أولا : إن الكلام عما شجر بين الصحابة ليس هو الأصل ، بل الاصل الاعتقادي عند أهل السنة والجماعة هو الكف والإمساك عما شجر بين الصحابة ، وذها مبسوط في عامة كتب أهل السنة في العقيدة ، كالسنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل ، والسنة لابن ابي عاصم ، وعقيدة أصحاب الحديث للصابوني ، والإبانة لابن بطة ، والطحاوية ، وغيرها . ويتأكد هذا الإمساك عند من يخشى عليه الالتباس والتشويش والفتنة ، وذلك بتعارض ذلك بما في ذهنه عن الصحابة وفضلهم ومنزلتهم وعدالتهم وعدم إدراك مثله ، لصغر سنه أو لحداثة عهده بالدين . . . لحقيقة ما حصل بين الصحابة ، واختلاف اجتهادهم في ذلك ، فيقع في الفتنة بانتقاصه للصحابة من حيث لا يعلم . وهذا مبني على قاعدة تربوية تعليمية مقررة عند السلف ، وهي إلا يعرض على الناس من مسائل العلم إلا ما تبلغه عقولهم . قال الإمام البخاري رحمه الله : (( باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية ألا يفهموا )) . وقال علي رضي الله عنه : (( حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله )) . وقال الحافظ في الفتح تعليقا على ذلك : (( وفيه دليل على ان المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة . ومثله قول ابن مسعود : ( ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ) . ( رواه مسلم ) . وممن كره التحدث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان ، ومالك في أحاديث الصفات ، وأبو يوسف في الغرئب . . )) ، إلى أن قال : (( وضابط ذلك ان يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة ، وظاهره في الأصل غير مراده ، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب ، والله أعلم . ( صحيح البخاري 1 / 41 ، الفتح 1 / 199 -200 ، وراجع ايضا كلاما جيدا للسلمي في كتابةالتاريخ 228 ) . ثانيا : إذا دعت الحاجة إلى ذكر ما شجر بينهم ، فلابد من التحقيق والتثبت في الروايات المذكورة حول الفتن بين الصحابة ، قال عز وجل : { يا ايها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبئأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } . وهذه الآية تأمر المؤمنين بالتثبت في الأخبار المنقولة إليهم عن طريق الفساق ، لكيلا يحكموا بموجبها على الناس فيندموا . فوجوب التثبت والتحقيق فيما نقل عن الصحابة ، وهم سادة المؤمنين أولى وأحرى ، خصوصا ونحن نعلم أن هذه الروايات دخلها الكذب والتحريف ، أما من جهة اصل الرواية أو تحريف بالزيادة والنقص يخرج الرواية مخرج الذم والطعن . وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب ، يرويها الكذابون المعروفون بالكذب ، مثل ابي مخنف لوط بن يحيى ، ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، وأمثالهما . ( منهاج السنة 5 / 72 ، وانظر دراسة نقدية " مرويات ابي مخنف في تاريخ الطبري / عصر الراشدين ، ليحيى اليحيى ) . من أجل ذلك لا يجوز ان يدفع النقل المتواتر في محاسن الصحابة وفضائلهم بنقول بعضها منقطع وبعضها محرف ، وبعضها يقدح فيما علم ، فإن اليقين لا يزول بالشك ، ونحن تيقنا ما ثبت في فضائلهم ، فلا يقدح في هذا أمور مشكوك فيها ، فكيف إذا علم بطلانها . ( منهاج السنة 6 / 305 ) . ثالثا : إذا صحت الرواية في ميزان الجرح والتعديل ، وكان ظاهرها القدح ، فليلتمس لها أحسن المخارج والمحاذير . قال ابن أبي زيد : (( والإمساك عما شجر بينهم ، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ، ويظن بهم أحسن المذاهب )) . ( مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني ، وانظر تنويرا لمقالة حل إلفاظ الرسالة للتتائي ) . وقال ابن دقيق العيد : (( وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه ، فمنه ما هو باطل وكذب ، فلا يلتفت إليه ، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا ، لأن الثناء عليهم من الله سابق ، وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل ، والمشكوك والموهوم لا يبطل الملحق المعلوم )) . ( أصحاب رسول الله ومذاهب الناس فيهم لعبد العزيز العجلان ص360 ) . هذا بالنسبة لعموم ما روي في قدحهم . رابعا : أما ما روي على الخصوص فيما شجر بينهم ، وثبت في ميزان النقد العلمي ، فهم فيه مجتهدون ، وذلك ان القضايا كانت مشتبهة ، فلشدة اشتباهها اختلف اجتهادهم وصاروا ثلاثة اقسام : القسم الأول : ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في هذا الطرف ، وأن مخالفه باغ ، فوجب عليهم نصرته وقتال الباغي عليه ، فيما اعتقدوه ، ففعلوا ذلك ، ولم يكن يحل لمن هذه صفته التأخر عن مساعدة إمام العدل في قتال البغاة في اعتقاده . القسم الثاني : عكس هؤلاء ، ظهر لهم بالاجتهاد إن الحق مع الطرف الآخر ، فوجب عليهم مساعدته وقتال الباغي عليه . القسم الثالث : اشتبهت عليهم القضية ، وتحيروا فيها ، ولم يظهر لهم ترجيح احد الطرفين ، فاعتزلوا الفريقين ، وكان هذا الاعتزال هو الواجب في حقهم ، لإنه لا يحل الإقدام على قتال مسلم حتى يظهر أنه مستحق لذلك . ( مسلم بشرح النووي 15 / 149 ، 18 / 11 ، وراجع الإصابة 2 / 501 ، فتح الباري 13 / 34 ) . أيضا من المهم أن نعلم أن القتال الذي حصل بين الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن على الإمامة ، فإن أهل الجمل وصفين لم يقاتلوا على نصب إمام غير علي ، ولا كان معاوية يقول إنه الإمام دون علي ، ولا قال ذلك طلحة والزبير ، وإنما كان القتال فتنة عند كثير من العلماء ، بسبب اجتهادهم في كيفية القصاص من قاتلي عثمان رضي الله عنه ، وهو من باب قتال أهل البغي والعدل ، وهو قتال بتأويل سائغ لطاعة غير الإمام ، لا على قاعدة دينية ، أي ليس بسبب خلاف في أصول الدين . ( منهاج السنة 6 / 327 ) . ويقول عمر بن شبه : (( إن أحدا لم ينقل ان عائشة ومن معها نازعوا عليا في الخلافة ، ولا دعوا أحدا ليولوه الخلافة ، وإنما أنكروا على علي منعه من قتال قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم )) . ( أخبار البصرة لعمر بن شبه نقلا عن فتح الباري 13 / 56 ) . ويؤيد هذا ما ذكره الذهبي : (( أن ابا مسلم الخولاني وأناسا معه ، جاءوا إلى معاوية، وقالوا : أنت تنازع عليا أم أنت مثله ؟ . فقال : لا والله ، إني لأعلم أنه أفضل مني ، وأحق بالأمر مني ، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما ، وأنا ابن عمته ، والطالب بدمه ، فائتوه فقولوا له ، فليدفع إلي قتلة عثمان ، وأسلم له . فأتوا عليا ، فكلموه ، فلم يدفعهم إليه )) . ( سير أعلام النبلاء للذهبي 3 / 140 ، بسند رجاله ثقات كما قال الأرناؤوط ) . وفي رواية عند ابن كثير : (( فعند ذلك صمم أهل الشام على القتال مع معاوية )) . ( البداية والنهاية 8 / 132 ، وانظر كلاما لإمام الحرمين وتعليقا للتباني عليه - إتحاف ذوي النجابة ص 152 ) . وأيضا فجمهور الصحابة وجمهور أفاضلهم ما دخلوا في فتنة . قال عبد الله بن الإمام أحمد : (( حدثنا أبي ، حدثنا إسماعيل بن علية ،حدثنا ايوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، قال : هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف ، فما حضرها منهم مائة ، بل لم يبلغوا ثلاثين )) . قال ابن تيمية : (( وهذا الإسناد من اصح إسناد على وجه الأرض ، ومحمد بن سيرين من أورع الناس في منطقته ، ومراسيله من أصح المراسيل )) . ( منهاج السنة 6 / 236 ) . فأين الباحثون المنصفون ليدرسوا مثل هذه النصوص الصحيحة ، لتكون لمنطلقا لهم ، لا أن يلطخوا أذهانهم بتشويشات الأخبارين ، ثم يؤولوا النصوص الصحيحة حسب ما عندهم من البضاعة المزجاة . خامسا : ما ينبغي أن يعلمه المسلم حول الفتن التي وقعت بين الصحابة - مع اجتهادهم فيها وتأولهم - حزنهم الشديد وندمهم لما جرى ، بل لم يخطر ببالهم أن الأمر سيصل إلى ما وصل إليه ، وتأثر بعضهم التأثر البالغ حين يبلغه مقتل أخيه ، بل إن البعض لم يتصور أن الأمر سيصل إلى القتال ، وإليك بعض من هذه النصوص : هذه عائشة أم المؤمنين ، تقول فيما يروي الزهري عنها : (( إنما أريد أن يحجر بين الناس مكاني ، ولم أحسب أن يكون بين الناس قتال ، ولو علمت ذلك لم اقف ذلك الموقف أبدا )) . ( مغازي الزهري ) . وكانت إذا قرأت { وقرن في بيوتكن } تبكي حتى يبتل خمارها . ( سير أعلام النبلاء 2 / 177 ) . وهذا امير المؤمنين علي بن أبي طالب ، يقول عنه الشعبي : (( لما قتل طلحة ورآه علي مقتولا ، جعل يمسح التراب عن وجهه ، ويقول : عزيز علي أبا محمد أن أراك مجدلا تحت نجوم السماء . . ثم قال : إلى الله أشكو عجزي وبجري . - أي همومي وأحزاني -وبكى عليه هو واصحابه ، وقال : ياليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة )) . ( أسد الغابة لابن الأثير 3 / 88 - 89 ) . وكان يقول ليالي صفين : (( لله در مقام عبد الله بن عمر وسعد بن مالك - وهما ممن اعتزل الفتنة - إن كان برا إن أجره لعظيم ، وإن كان إثما إن خطره ليسير )) . ( منهاج السنة 6 / 209 ) . فهذا قول أمير المؤمنين ، رغم قول أهل السنة أن عليا ومن معه أقرب إلى الحق . ( فتح الباري 12 / 67 ) . وهذا الزبير بن العوام رضي الله عنه - وهو ممن شارك في القتال بجانب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - يقول : (( إن هذه لهي الفتنة التي كنا نحدث عنها )) ، فقال مولاه : أتسميها فتنة وتقاتل فيها ؟! قال : (( ويحك ، إنا نبصر ولا نبصر ، ماكان أمر قط إلا علمت موضع قدمي فيه ، غير هذا الأمر ، فإني لا أدري أمقبل أنا فيه أم مدبر )) . ( فتح الباري 12 / 67 ) . وهذا معاوية رضي الله عنه ، لما جاءه نعي علي بن أبي طالب ، جلس وهو يقول : (( إنا لله وإنا إليه راجعون ، وجعل يبكي . فقالت امرأته : أنت بالأمس تقاتله ، واليوم تبكيه ؟! . فقال : ويحك ، إنما أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه وفضله وسوابقه وخيره )) . وفي رواية (( ويحك ، أنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم )) . ( البداية والنهاية 8 / 15 - 133 ) . وبعد هذه المنقولات كلها ، كيف يلامون بأمور كانت متشابهة عليهم ، فاجتهدوا ، فاصاب بعضهم وأخطأ الأخرون ، وجميعهم بين أجر وأجرين ، ثم بعد ذلك ندموا على ما حصل وجرى . وما حصل بينهم من جنس المصائب التي يكفر الله عز وجل بها ذنوبهم ، ويرفع بها درجاتهم ومنازلهم ، قال صلى الله عليه وسلم : (( لا يزال البلاء بالعبد ، حتى يسير في الأرض وليس عليه خطيئة )) . ( رواه الترمذي 2398 وقال حسن صحيح ، وحسنه ابن حبان والحاكم وسكت عنه الذهبي 1 / 41 ، وحسنه الالباني - المشكاة 1 / 492 من حديث سعد ، وصححه في الصحيحة 144 ، وانظر شواهده 143 145 ، وراجع الفتح 10 / 111 - 112 ) . وعلى أقل الاحوال ، لو كان ما حصل من بعضهم في ذلك ذنبا محققا ، فإن الله عز وجل يكفره بأسباب كثيرة ، من أعظمها الحسنات الماضية من سوابقهم ومناقبهم وجهادهم ، والمصائب المكفرة ، والاستغفار ، والتوبة التي يبدل بها الله عز وجل السيئات حسنات ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم . ( للتوسع راجع منهاج السنة6 / 205 فقد ذكر عشر أسباب مكفرة ) . سادسا : نقول اخيرا ان اهل السنة والجماعة لا يعتقدون أن الصحابي معصوم من كبائر الاثم وصغائره ، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة ، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر ، ثم إذا كان صدر من أحدهم ذنب فيكون إما قد تاب منه ، أو أتى بحسنات تمحوه ، أو غفر له بسابقته ، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهم أحق الناس بشفاعته ، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه ، فإذا كان هذا في الدنوب المحققة ، فكيف بالأمور التي هم مجتهدون فيها : إن أصابوا فلهم اجران ، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد ، والخطأ مغفور . ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نادر ، مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من إيمان وجهاد وهجرة ونصرة وعلم نافع وعمل صالح . ( أنظر شرح العقيدة الواسطية لخليل هراس 164 -167 ) . يقول الذهبي رحمه الله : (( فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع بينهم ، وجهاد محاء ، وعبادة ممحصة ، ولسنا ممن يغلو في أحد منهم، ولا ندعي فيهم العصمة )) . ( سير أعلام النبلاء 10 / 93 ، في ترجمة الشافعي ). إذن ، فأعتقادنا بعدالة الصحابة لا يستلزم العصمة ، فالعدالة استقامة السيرة والدين ، ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعا ، حتى تحصل ثقة النفس بصدقه . . . ثم لا خلاف في أنه لا يشترط العصمة من جميع المعاصي . ومع ذلك يجب الكف عن ذكر معايبهم ومساوئهم مطلقا - كما مر سابقا - ، وإن دعت الضرورة إلى ذكر زلة أو خطأ صحابي ، فلا بد أن يقترن بذلك منزلة هذا الصحابي من توبته أو جهاده وسابقته - فمثلا من الظلم أن نذكر زلة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه دون ذكر توبته التي لو تابها صاحب مكس لقبل منه . . . وهكذا . ( الإمامة لأبي نعيم 340، ومنهاج السنة 6 / 207 ) . فالمرء لا يعاب بزلة يسيرة حصلت منه في من فترات حياته وتاب منها ، فالعبرة بكمال النهاية ، لا ينقص البداية ، سيما وإن كانت له حسنات ومناقب ولو لم يزكه أحد ، فكيف إذا زكاه خالقه العليم بذات الصدور . { ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم } اللهم اجعلنا ممن يحب صحابة رسولك صلى الله عليه وسلم ، ويدافع عنهم ، ويتبع منهجهم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . 4-الحكم الإسلامي على ساب أمهات المؤمنين الطاهرات بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد : إن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن داخلات في عموم الصحابة رضي الله عنهم ، لأنهن منهم ، و كل ما جاء في تحريم سب الصحابة من آيات قرآنية و أحاديث نبوية فإن ذلك يشملهن ، و لما لهن من المنزلة العظيمة و قوة قرابتهن من سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ، ولم يغفل أهل العلم عن حكم سابهن و عقوبته ، بل بينوا ذلك أوضح بيان في أقوالهم المأثورة و مؤلفاتهم المختلفة . أقول : إن أهل العلم من أهل السنة والجماعة أجمعوا قاطبة على أن من طعن في عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه وبما رماها به المنافقون من الإفك فإنه كافر مكذب بما ذكره الله في كتابه من إخباره ببراءتها وطهارتها ، و قالوا إنه يجب قتله . و قد ساق أبو محمد بن حزم الظاهري بإسناده إلى هشام بن عمار قال : سمعت مالك بن أنس يقول من سب أبا بكر و عمر جلد ، و من سب عائشة قتل ، قيل له : لم يقتل في عائشة ؟ قال : لأن الله تعالى يقول في عائشة رضي الله عنها {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين }، قال مالك فمن رماها فقد خالف القرآن ، و من خالف القرآن قتل . قال أبو محمد رحمه الله : قول مالك هانا صحيح و هي ردة تامة و تكذيب لله تعالى في قطعه ببراءتها.[1] و حكى أبو الحسن الصقلي أن القاضي أبا بكر الطيب قال : إن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نسبه إليه المشركون سبح نفسه لنفسه ، كقوله {و قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه }، و ذكر تعالى ما نسبه المنافقون إلى عائشة فقال {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك } ، سبح نفسه في تبرئتها من السوء كما سبح نفسه في تبرئته من السوء ، و هذا يشهد لقول مالك في قتل من سب عائشة ، ومعنى هذا و الله أعلم أن الله لما عظم سبها كما عظم سبه وكان سبها سباً لنبيه ، و قرن سب نبيه وأذاه بأذاه تعالى ، وكان حكم مؤذيه تعالى القتل ، كان مؤذي نبيه كذلك.[2] و قال أبو بكر بن العربي : إن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله ، فكل من سبها بما برأها الله منه فهو مكذب لله ، و من كذب الله فهو كافر ، فهذا طريق قول مالك ، و هي سبيل لائحة لأهل البصائر ولو أن رجلاً سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب .[3] و ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعض الوقائع التي قتل فيها من رماها رضي الله عنها بما برأها الله منه ، حيث يقول : و قال أبو بكر بن زياد النيسابوري : سمعت القاسم بن محمد يقول لإسماعيل بن إسحاق أتى المأمون بالرقة برجلين شتم أحدهما فاطمة و الآخر عائشة ، فأمر بقتل الذي شتم فاطمة و ترك الآخر ، فقال إسماعيل : ما حكمهما إلا أن يقتلا لأن الذي شتم عائشة رد القرآن . قال شيخ الإسلام : وعلى هذا مضت سيرة أهل الفقه والعلم من أهل البيت وغيرهم . قال أبو السائب القاضي : كنت يوماً بحضرة الحسن بن زيد الدعي بطبرستان ، و كان بحضرته رجل فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة ، فقال : يا غلام اضرب عنقه ، فقال له العلويون : هذا رجل من شيعتنا ، فقال : معاذ الله إن هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى { الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات ، والطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات ، أولئك مبرءون مما يقولون ، لهم مغفرة و رزق كريم } ، فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث ، فهو كافر فاضربوا عنقه ، فضربوا عنقه و أنا حاضر . و روي عن محمد بن زيد أخي الحسن بن زيد أنه قدم عليه رجل من العراق فذكر عائشة بسوء فقام إليه بعمود فضرب دماغه فقتله ، فقيل له : هذا من شيعتنا و من بني الآباء ، فقلا : هذا سمى جدي قرنان – أي من لا غيرة له - ، و من سمى جدي قرنان استحق القتل فقتلته . و قال القاضي أبو يعلى : من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف ، و قد حكي الإجماع على هذا غير واحد ، و صرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم . و قال أبي موسى – و هو عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن جعفر الشريف الهاشمي إمام الحنابلة ببغداد في عصره - : و من رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين ولم ينعقد له نكاح على مسلمة .[4] و قال ابن قدامة المقدسي : ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء ، أفضلهم خديجة بن خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة ، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم .[5] وقال الإمام النووي في صدد تعداده الفوائد التي اشتمل عليها حديث الإفك : الحادية و الأربعون : براءة عائشة رضي الله عنها من الإفك و هي براءة قطعية بنص القرآن العزيز ، فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافراً مرتداً بإجماع المسلمين ، قال ابن عباس و غيره : لم تزن امرأة نبي من الأنبياء صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين ، و هذا إكرام من الله تعالى لهم .[6] و قد حكى العلامة ابن القيم اتفاق الأمة على كفر قاذف عائشة رضي الله عنها ، حيث قال : واتفقت الأمة على كفر قاذفها .[7] و قال الحافظ ابن كثير عند قوله تعالى {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا و الآخرة و لهم عذاب عظيم } ، قال : أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية ، فإنه كافر لأنه معاند للقرآن .[8] و قال بدر الدين الزركشي : من قذفها فقد كفر لتصريح القرآن الكريم ببراءتها .[9] و قال السيوطي عند آيات سورة النور التي نزلت في براءة عائشة رضي الله عنها من قوله تعالى { إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم .. الآيات } ، قال : نزلت في براءة عائشة فيما قذفت به ، فاستدل به الفقهاء على أن قاذفها يقتل لتكذيبه لنص القرآن ، قال العلماء : قذف عائشة كفر لأن الله سبح نفسه عند ذكره فقال سبحانك هذا بهتان عظيم ، كما سبح نفسه عند ذكر ما وصفه به المشركون من الزوجة والولد .[10] قلت : هذه الأقوال المتقدمة عن هؤلاء الأئمة كلها فيها بيان واضح أن الأمة مجمعة على أن من سب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها و قذفها بما رماها به أهل الإفك ، فإنه كافر حيث كذب الله فيما أخبر به من براءتها و طهارتها رضي الله عنها ، و أن عقوبته أن يقتل مرتداً عن ملة الإسلام . وأما حكم من سب غير عائشة من أزواجه صلى الله عليه وسلم ، ففيه قولان : أحدهما : أن حكمه كحكم ساب غيرهن من الصحابة ؛وحكم ساب الصحابة و عقوبته هي : 1 – ذهب جمع من أهل العلم إلى القول بتكفير من سب الصحابة رضي الله عنهم أو تنقصهم وطعن في عدالتهم و صرح ببغضهم و أن من كانت هذه صفته فقد أباح دم نفسه و حل قتله ، إلا أن يتوب من ذلك و ترحم عليهم . و ممن ذهب إلى ذلك : الصحابي الجليل عبد الرحمن بن أزى و عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي و أبو بكر بن عياش ، و سفيان بن عيينة ، و محمد بن يوسف الفريابي و بشربن الحارث المروزي و غير كثير . فهؤلاء الأئمة صرحوا بكفر من سب الصحابة وبعضهم صرح مع ذلك أنه يعاقب بالقتل ، و إلى هذا القول ذهب بعض العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية . 2 - و ذهب فريق آخر من أهل العلم إلى أن ساب الصحابة لا يكفر بسبهم بل يفسق ويضلل ولا يعاقب بالقتل ، بل يكتفي بتأديبه وتعزيره تعزيراً شديداً يروعه و يزجره حتى يرجع عن ارتكاب هذا الجرم الذي يعتبر من كبائر الذنوب والفواحش المحرمات ، وإن لم يرجع تُكرر عليه العقوبة حتى يظهر التوبة . و ممن ذهب إلى هذا القول : عمر بن عبد العزيز و عاصم الأحول و الإمام مالك و الإمام أحمد و كثير من العلماء مما جاء بعدهم . الثاني : و هو الأصح من القولين على ما سيتضح من أقوال أهل العلم أن من قذف واحدة منهن فهو كقذف عائشة رضي الله عنها . التوضيح : أخرج سعيد بن منصور وابن جرير الطبري و الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قرأ سورة النور ففسرها ، فلما أتى على هذه الآية {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات }، قال : هذه في عائشة و أزواج النبي صلى الله علية وسلم ، ولم يجعل لمن فعل ذلك توبة ، و جعل لمن رمى امرأة من المؤمنات من غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم التوبة ، ثم قرأ {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء}إلى قوله{إلا الذين تابوا} ، ولم يجعل لمن قذف امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم توبة ، ثم تلا هذه الآية {لعنوا في الدنيا و الآخرة ولهم عذاب عظيم} ، فهمّ بعض القوم أن يقوم إلى ابن عباس فيقبل رأسه لحُسنِ ما فسّر .[11] قال ابن تيمية : فقد بين ابن عباس أن هذه الآية إنما نزلت فيمن يقذف عائشة وأمهات المؤمنين لما في قذفهن من الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيبه ، فإن قذف المرأة أذىً لزوجها كما هو أذى لابنها ، لأنه نسبة له إلى الدياثة وإظهار لفساد فراشه ، فإن زناء امرأته يؤذيه أذىً عظيماً ، و لهذا جوز له الشارع أن يقذفها إذا زنت ، و درء الحد عنه باللعان و لم يبح لغيره أن يقذف امرأة بحال .[12] و قد قال كثير من أهل العلم أن بقية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لهن حكم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها . فقد قال أبو محمد ابن حزم بعد أن ذكر أن رمي عائشة رضي الله عنها ردة تامة و تكذيب للرب – جلا وعلا – في قطعه ببراءتها ، قال : و كذلك القول في سائر أمهات المؤمنين ولا فرق ، لأن الله تعالى يقول { و الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ، أولئك مبرؤون مما يقولون } ، فكلهن مبرآت من قول إفك والحمد لله رب العالمين .[13] و ذكر القاضي عياض عن ابن شعبان – محمد بن القاسم بن شعبان أبو إسحاق ابن القرطبي من نسل عمار بن ياسر ، رأس الفقهاء المالكيين بمصر ت355هـ – أنه قال : ومن سب غير عائشة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ففيها قولان : أحدهما : يقتل لأنه سب النبي صلى الله عليه وسلم ، بسب حليلته . و الآخر : أنها كسائر الصحابة يجلد حد المفتري ، قال : و بالأول أقول .[14] و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : و أما منسب غير عائشة من أزواجه صلى الله عليه وسلم ففيه قولان : أحدهما : أنه كساب غيرهن من الصحابة . والثاني : و هو الأصح أنه من قذف واحدة من أمهات المؤمنين فهو كقذف عائشة رضي الله عنها .. و ذلك لأن هذا فيه عار و غضاضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و أذى له أعظم من أذاه بنكاحهن .[15] و قال الحافظ ابن كثير رحمه الله بعد قوله تعالى { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم } : هذا وعيد من الله تعالى للذين يرمون المحصنات الغافلات ، خرج مخرج الغالب المؤمنات ، فأمهات المؤمنين أولى بالدخول في هذا من كل محصنة ولا سيما التي كانت سبب النزول ، و هي عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما – إلى أن قال - : و في بقية أمهات المؤمنين قولان : أصحهما أنهن كهي والله أعلم .[16] و مما يرجح القول بأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم غير عائشة في الحكم وجوه : الوجه الأول : أن لعنة الله في الدنيا والآخرة لا تستوجب بمجرد القذف ، وأن اللام في قوله تعالى {المحصنات الغافلات المؤمنات} لتعريف المعهود ، والمعهود هنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الكلام في قصة الإفك و وقوع من وقع في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، أو قصر اللفظ العام على سببه للدليل الذي يوجب ذلك . الوجه الثاني : أن الله سبحانه رتب هذا الوعيد على قذف محصنات غافلات مؤمنات ، و قال في أول سورة النور : { و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة .. الآية } فترتب الجلد و رد الشهادة و الفسق على مجرد قذف المحصنات ، فلا بد أن تكون المحصنات الغافلات المؤمنات لهن مزية على مجرد المحصنات و ذلك – والله أعلم – لأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مشهود لهن بالإيمان لأنهن أمهات المؤمنين و هن أزواج نبيه في الدنيا و الآخرة و عوام المسلمات إنما يعلم منهن في الغالب ظاهر الإيمان و لأن الله سبحانه قال في قصة عائشة { و الذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم } فتخصيصه بتولي كبره دون غيره دليل على اختصاصه بالعذاب العظيم ، و قال تعالى {ولولا فضل الله عليكم و رحمته في الدنيا و الآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم } ، فعلم أن العذاب العظيم لا يمس كل من قذف ، وإنما يمس متولي كبره فقط ، و قال تعالى هنا { له عذاب عظيم } فعلم أنه الذي رمى أمهات المؤمنين و يعيب بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وتولى كبر الإفك ، و هذه صفة المنافق ابن أبي سلول. الوجه الثالث : لمّا كان رمي أمهات المؤمنين أذى للنبي صلى الله عليه وسلم لعن صاحبه في الدنيا و الآخرة ، و لهذا قال ابن عباس : ليس فيها توبة ، لأن مؤذي النبي صلى الله عليه وسلم لا تقبل توبته إذا تاب من القذف حتى يسلم إسلاماً جديداً ، وعلى هذا فرميهن نفاق مبيح للدم إذا قصد به أذى النبي صلى الله عليه وسلم أو أذاهن بعد العلم بأنهن أزواجه في الآخرة ، فإنه ما لعنت امرأة نبي قط . و مما يدل على أن قذفهن أذىً للنبي صلى الله عليه وسلم ما خرجاه في الصحيحين في حديث الإفك عن عائشة ، قالت : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول ، قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو على المنبر : يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي ، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً ، و لقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً ، و ما كان يدخل على أهلي إلا معي .[17] فهذه الوجوه الثلاثة فيها تقوية و ترجيح لقول من ذهب إلى أن قذف غير عائشة رضي الله عنها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حكمه كقاذف عائشة رضي الله عنها ، لما فيه من العار والغضاضة على النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن في ذلك أذى عظيماً للنبي عليه الصلاة والسلام . [1]المحلى (13/504) . [2]الشفاء للقاضي عياض (2/267-268) . [3]أحكام القرآن لابن العربي (3/1356) . [4]الصارم المسلول ( ص 566-568) . [5]لمعة الاعتقاد (ص 29 ) . [6]شرح النووي على صحيح مسلم (17/ 117-118 ) . [7]زاد المعاد (1/106) . [8]تفسير القرآن العظيم (5/76) . [9]الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة (ص 45 ) . [10]الإكليل في استنباط التنزيل ( ص 190) . [11]الدر المنثور (6/165) و جامع البيان (18/ 104 ) . [12]الصارم المسلول ( ص 45 ) . [13]المحلى (13/504) . [14]الشفاء للقاضي عياض (2/ 269) . [15]الصارم المسلول (ص 567 ) . [16]تفسير القرآن العظيم (5/76) . 5-معاوية بن أبي سفيان: المهدي كاتب الوحي إن من المسلم به أن معاوية بن أبي سفيان ýtý كان من كبار الصحابة و كان كاتب الوحـي الذي قال عنه النبيrý (( اللهم اجـعله هادياً مهدياً واهد به ))(*) . و أخرج مسلم في صحيحه عن ابن عباس أن أبا سفيان طلب من النبي ýrý ثلاثة مطالب (( فقال للنبي : يا نبي الله ثلاثٌ أعطينـهن قـال: نعـم ـ منـها ـ قال: معـاوية، تجعله كاتباً بين يديك، قال: نعـم ...))(9). وعندما ولي معاوية الشام كانت سياسته مع رعيته من أفضل السياسات وكانت رعيته تحبه ويحبُّهم (( قال قبيصة بن جابر: ما رأيت أحداً أعظم حلماً ولا أكثر سؤدداً ولا أبعد أناة ولا ألين مخرجاً، ولا أرحب باعاً بالمعروف من معاوية. وقال بعضهم: أسمع رجل معاوية كلاماً سيئاً شديداً، فقيل له لو سطوت عليه؟ فقال: إني لأستحي من الله أن يضيقَ حلمي عن ذنب أحد رعيتي. وفي رواية قال له رجل: يا أمير المؤمنين ما أحلمك؟ فقال: إني لأستحي أن يكون جرم أحد أعظم من حلمي ))(5)، لذلك استجابوا له عندما أراد المطالبة بدم عثمان وبايعوه على ذلك ووثقوا له أن يبذلوا في ذلك أنفسهم وأموالهم، أو يدركوا بثأره أو ينفي الله أرواحهم قبل ذلك(6). و معاوية ما أراد الحكم ولا اعترض على إمامة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بل طالب بتسليمه قتلة عثمان ثم يدخل في طاعته بعد ذلك، فقد أورد الذهبي في ( السير ) عن يعلى بن عبيد عن أبيه قال (( جاء بو مسلم الخولاني وناس معه إلى معاوية فقالوا له: أنت تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال معاوية: لا واللـه إني لأعلم أن علياً أفضل مني، وإنه لأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أنّ عثمان قتل مظلومـا، وأنا ابن عمه، وإنمـا أطلب بدم عثمان، فأتوه فقولوا له فليدفـع إليّ قتلة عثمـان وأسلّم لـهُ فأتوْا علياً فكلّموه بذلك فلم يدفعهم إليه ))(7)، طالمـا أكّد معـاوية ذلك بقولـه (( ما قاتلت علياً إلا في أمر عثمان )) ، وهذا هو ما يؤكده عليّ ومن مصادر الشيعة الاثني عشرية أنفسهم، فقد أورد الشريف الرضي في كتاب نهج البلاغة في خطبة لعليّ قوله (( وبدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام، والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله، ولا يستزيدوننا، الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء ))(8)، فهذا عليّ يؤكد أن الخلاف بينه وبين معاوية هو مقتل عثمان وليس من أجل الخلافة أو التحكم في رقاب المسلمين كما يدعي غلاة الرافضة و يقرر أن عثمان وشيعته هم أهل إسلام وإيمان ولكن القضية اجتهادية كل يرى نفسه على الحق في مسألة عثمان. و أما قولهم بأن معاوية أرغم المسلمين بالقوة والقهر على بيعة ابنه الفاسق شارب الخمر يزيد، فهذا من الكذب الظاهر فإن معاوية لم يرغم الناس على بيعة ابنه يزيد ولكنه عزم على الأخذ بعقد ولاية عهده ليزيد وتم له ذلك، فقد بايع الناس ليزيد بولاية العهد ولم يتخلّف إلا الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، وتوفيّ معاوية ولم يرغمهم على البيعة. أما أن يزيد فاسق شارب للخمر فهذا كذب أيضاً وندع محمد بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يجيب على هذا الادعاء لأنه أقام عند يزيد وهو أدرى به، قال ابن كثير في البداية (( لما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة ويتعدّى حكم الكتاب. فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة، قالوا: فإن ذلك كان منه تصنّعاً لك. فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا. قالوا: إنه عندنا لحق وإن لم يكن رأيناه. فقال لهم أبى اللـه ذلك علـى أهل الشهادة، فقال { إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } ولست من أمركم في شيء، قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نولّيك أمرنا. قال: ما استحل القتال على ما تريدونني عليه تابعاً ولا متبوعاً، فقالوا: فقد قاتلت مع أبيك، قال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه، فقالوا: فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا، قال: لو أمرتهما قاتلت. قالوا: فقم معنا مقاماً نحض الناس فيه على القتال، قال: سبحان الله!! آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذاً ما نصحت لله في عباده قالوا: إذاً نكرهك. قال: إذا آمر الناس بتقوى الله ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق، وخرج إلى مكة ))(9). أما أن معاوية أمر بسبّ عليّ من على المنابر فكذب، ولا يوجد دليل صحيح ثابت بذلك، وسيرة معاوية و أخلاقه تستبعد هذه الشبهة، أما ما يذكره بعض المؤرخين من ذلك فلا يلتفت إليه لأنهم بإيرادهم لهذا التقول لا يفرقون بين صحيحها وسقيمها، إضافة إلى أن أغلبهم من الشيعة. و قد قلنا أن معاوية لم يقاتل علي إلا في أمر عثمان وقد رأى أنه ولي دم عثمان وهو أحد أقربائه واستند إلى النصوص النبوية التي تبين وتظهر أن عثمان يقتل مظلوماً ويصف الخارجين عليه بالمنافقين إشارة إلى ما رواه الترمذي وابن ماجة عن عائشة قالت (( قال رسول الله ýrý ( يا عثمان! إن ولاّك الله هذا الأمر يوماً، فأَرادكَ المنافقون أن تخْلع قميصك الذي قمَّصَكَ الله، فلا تخلعه ) يقول ذلك ثلاث مرات ))(2)، وقد شهد كعب بن مرة أمام جيش معاوية بذلك فقال (( لولا حديث سمعته من رسول الله ýrý ما قمت ـ أي ما قمت بالقتال بجانب معاوية للقصاص من قتلة عثمان ـ وذكر الفتن فقرّ بها فمر رجل مقنع في ثوب فقال: هذا يومئذ على الهدى. فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان، فأقبلت عليه بوجهه فقلت: هذا ؟ قال: نعم ))(3)، وأيضاً عن عبد الله بن شقيق بن مرة قال (( قال رسول اللهrý تهيج على الأرض فتن كصياصي البقر. فمر رجل متقنع، فقال رسول اللهrý هذا وأصحابه يومئذ على الحق. فقمت إليه فكشفت قناعه وأقبلت بوجهه إلى رسول اللهrý فقلت يا رسول الله هو هذا؟ قال هو هذا. قال: فإذا بعثمان بن عفان ))(4)، وقد رأى معاوية وأنصاره أنهم على الحق بناء على ذلك، وأنهم على الهدى وخصوصاً عندما نعلم أن المنافقين الثائرين على عثمان كانوا في جيش علي فاعتبروهم على ضلال فاستحلّوا قتالهم متأولين. إضافة إلى أن أنصار معاوية يقولون لا يمكننا أن نبايع إلا من يعدل علينا ولا يظلمنا ونحن إذا بايعنا علياً ظلمنا عسكره كما ظلم عثمان وعلي عاجز عن العدل علينا وليس علينا أن نبايع عاجزاً عن العدل علينا(5) ويقولون أيضاً أن جيش علي فيه قتلة عثمان وهم ظلمة يريدون الاعتداء علينا كما اعتدوا على عثمان فنحن نقاتلهم دفعاً لصيالهم علينا وعلى ذلك فقتالهم جائز ولم نبدأهم بالقتال ولكنهم بدءونا بالقتال. و كان معاوية يقاتل في ظنه دفاعاً عن الحق و عن دم عثمان المهدور و لم يكن ممن تأخذه العزة بالإثم. فعندما قتل عثمان و بويع علي كتب معاوية إلى علي أن عثمان ابن عمي قد قتل ظلماً و أنا وكيله و الله يقول ]و من قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليِّهِ سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً[ (الإسراء:33) فأرسل إلي قتلة عثمان أقتص منهم. و كان علي يستمهله في الأمر حتى يتمكن ويفعل ذلك. ثم يطلب علي من معاوية أن يسلمه الشام فيأبى معاوية ذلك حتى يسلمه القتلة و أبى أن يبايع علياً هو و أهل الشام. فكان أن جعل الله لمعاوية سلطاناً و جعله منصوراً كما وعد. و لم يعترض معاوية و لا أحد من المسلمين على أحقية علي بالخلافة و إنما أقصر بعضهم عن بيعته لرغبتهم في أن يثأر من قتلة عثمان أولاً كما أسلفنا من قبل. و كان طريقهم الحق و الاجتهاد و لم يكونو في محاربتهم لغرض دنيوي أو لإيثار باطل أو لاستشعار حقد كما قد يتوهمه متوهم و ينزع اليه ملحد و إنما اختلف اجتهادهم في الحق و قد روى البخاري:إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَ إِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ. و من المسلم عند كل من اطلع على مذهب الإمامية يعلم أنهم يكفرون معاوية لقتاله علياً و لكن الثابت أن الحسن بن علي ـ وهو من الأئمة المعصومين عنـدهـم ـ قد صالح(15) معـاوية و بايعـه علـى الخـلافة فهل صـالح الحسن ( المعصوم ) كافر و سلّم له بالخـلافة؟! أم أصلـح بين فئتـين مسلمتين كمـا قـال النـبيrý (( ابـني هـذا سيـد، و لعـل اللـه يصـلح به بين فئتين من المسلمين )) (16). وأخيراً ـ إذا لم يقتنع الرافضة بذلك فسنضطر لكي نستقي من مصادر الإثني عشرية ما يثبت أن علي ومعاوية على حق ومأجورين على اجتهادهما فقد ذكر الكليني في كتابـه ( الروضة من الكافي ) ـ و هو أهم كتاب في أصول وفروعمذهب الإثني عشرية ـ عن محمـد بن يحيى قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول (( اختلاف بني العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أول النهار: ألا إن علياً وشيعته هم الفائزون، وقال: وينادي مناد في آخر النهار: ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون ))(17). [COLOR=window************] [/COLOR] إن معاوية رضي الله عنه كان من كتاب الوحي ، و من أفضل الصحابة و أصدقهم لهجة و أكثرهم حلماً فكيف يعتقد أن يقاتل الخليفة الشرعي و يهرق دماء المسلمين من أجل ملك زائل ، و هو القائل : والله لا أخير بين أمرين ، بين الله و بين غيره إلا اخترت الله على سواه .[15] (*) سنن الترمذي كتاب المناقب باب مناقب معاوية برقم (3842) وانظر صحيح الترمذي رقم (3018).و روى الترمذي في فضائل معاوية أنه لما تولى أمر الناس كانت نفوسهم لا تزال مشتعلة عليه ، فقالوا كيف يتولى معاوية و في الناس من هو خير مثل الحسن و الحسين . قال عمير و هو أحد الصحابة : لا تذكروه إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم اجعله هادياً مهدياً و اهد به.[16] و أخرج الإمام أحمد ، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم علِّم معاوية الكتاب و قِهِ العذاب .[17] و أخرج أبو داود و البخاري في الأدب المفرد من طريق أبي مجلز قال : خرج معاوية على ابن الزبير و ابن عامر ، فقام ابن عامر و جلس ابن الزبير ، فقال معاوية لابن عامر : اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار .[18] و أخرج ابن كثير في البداية والنهاية بسند صحيح ، أن معاوية رضي الله عنه ، كان إذا لقي الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : مرحباً بابن رسول الله وأهلاً ، و يأمر له بثلاثمائة ألف ، و يلقى ابن الزبير رضي الله عنه فيقول : مرحباً بابن عمة رسول الله وابن حواريه ، ويأمر له بمئة ألف .[19] و أخرج الآجري عن الزهري قال : لما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه و جاء الحسن بن علي رضي الله عنهما إلى معاوية ، فقال له معاوية : لو لم يكن لك فضل على يزيد إلا أن أمك من قريش و أمه امرأة من كلب ، لكان لك عليه فضل ، فكيف و أمك فاطمة بنت رسول صلى الله عليه وسلم ؟! . [20] و الذين لا يعرفون سيرة معاوية يستغربون إذا قلت لهم بأنه كان من الزاهدين و الصفوة الصالحين ، روى الإمام أحمد بسنده إلى علي بن أبي حملة عن أبيه قال : رأيت معاوية على المنبر بدمشق يخطب الناس و عليه ثوب مرقوع . [21] و أخرج ابن كثير عن يونس بن ميسر الزاهد - و هو أحد شيوخ الإمام الأوزاعي - قال : رأيت معاوية في سوق دمشق و هو مردف وراءه وصيفاً و عليه قميص مرقوع الجيب و يسير في أسواق دمشق . [22] و قد أوردت هذه الأمثلة ليعلم الناس أن الصورة الحقيقية لمعاوية تخالف الصورة المكذوبة التي كان أعداؤه و أعداء الإسلام يصورونه بها ، فمن شاء بعد هذا أن يسمي معاوية خليفة ، أو أمير المؤمنين ، فإن سليمان بن مهران - الأعمش - و هو من الأئمة الأعلام الحفاظ كان يسمى بالمصحف لصدقه ، كاد يفضل معاوية على عمر بن عبد العزيز حتى في عدله . و من لم يملأ - أمير المؤمنين - معاوية عينه ، و أراد أن يضن عليه بهذا اللقب ، فإن معاوية مضى إلى الله عز وجل بعدله و حلمه و جهاده و صالح عمله ، وكان و هو في دنيانا لا يبالي أن يلقب بالخليفة أو الملك . [23] و ذكر ابن العربي في كتابه العواصم أنه دخل بغداد و أقام فيها زمن العباسيين و المعروف أن بين بني العباس و بني أمية ما لا يخفى على الناس ، فوجد مكتوباً على أبواب مساجدها خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم معاوية خال المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين . [24] و قد سئل عبد الله بن المبارك ، أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان ، أم عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : و الله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة ، صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سمع الله لمن حمده ، فقال معاوية : ربنا ولك الحمد . فما بعد هذا؟[25] و أخرج الآجري بسنده إلى الجراح الموصلي قال : سمعت رجلاً يسأل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود ؛ أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟! فرأيته غضب غضباً شديداً و قال : لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد ، معاوية رضي الله عنه كاتبه و صاحبه و صهره و أمينه على وحيه عز وجل . [26] و كذلك أخرج الآجري بسنده إلى أبو أسامة ، قيل له : أيما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس بهم أحد . [27] فوائد .. قال محب الدين الخطيب رحمه الله : سألني مرة أحد شباب المسلمين ممن يحسن الظن برأيي في الرجال ما تقول في معاوية ؟ فقلت له : و من أنا حتى اسأل عن عظيم من عظماء هذه الأمة ، و صاحب من خيرة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، إنه مصباح من مصابيح الإسلام ، لكن هذا المصباح سطع إلى جانب أربع شموس ملأت الدنيا بأنوارها فغلبت أنوارها على نوره . [28] و قبل أن أختم ، أورد رأياً طريفاً للمؤرخ العلامة ابن خلدون في اعتبار معاوية من الخلفاء الراشدين فقد قال : إن دولة معاوية و أخباره كان ينبغي أن تلحق بدول الخلفاء الراشدين و أخبارهم ، فهو تاليهم في الفضل والعدالة والصحبة . [29] و ما ضر المسك – معاوية – عطره ، أن مات من شمه الزبال والجعل. رغم أنف من أبى. (9) مسلم مع الشرح كتاب فضائل الصحابة ـ باب ـ فضائل أبي سفيان جـ16 برقم (2501). (5) البداية النهاية جـ8 ص (138). (6) المصدر السابق جـ8 ص (131). (7) سير أعلام النبلاء جـ3 ص (140) وقال المحقق: رجاله ثقات. (8) نهج البلاغة جـ3 ص (648). (9) البداية والنهاية جـ8 ص (236). (2) سنن ابن ماجة ، المقدمة ـ باب ـ فضائل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم برقم (112) وراجع صحيح ابن ماجة برقم (90). (3) أخرجه الترمذي عن أبي الأشعث الصنعاني كتاب الفضائل برقم (3704) وراجع صحيح الترمذي برقم (2922). (4) فضائل الصحابة لأحمد جـ1 ص (449 ـ 450) برقم (720) وقال المحقق: اسناده صحيح. (5) راجع منهاج السنة جـ4 ص (384). (15) باعتراف التيجاني راجع ثم اهتديت ص (171). (16) البخاري كتاب الفتن برقم (6629) جـ6. (17) روضة الكافي ص (177) جـ8. [15] سير أعلام النبلاء للذهبي (3/151). [16] رواه الإمام أحمد في المسند (4/216) و صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/236) . و زاد الآجري في كتاب الشريعة لفظة : ولا تعذبه . كتاب الشريعة للآجري (5/2436-2437) إسناده صحيح . [17] فضائل الصحابة (2/913) إسناده حسن . [18] سنن أبي داود (5/398) و الأدب المفرد (ص339) ، الشريعة للآجري (5/2464) . [19] البداية والنهاية (8/137) . [20] إنظر كتاب الشريعة (5/2469-2470) إسناده حسن . [21] كتاب الزهد (ص172) . [22] البداية و النهاية (8/134) . [23] انظر حاشية محب الدين الخطيب على العواصم من القواصم (ص217) . [24] العواصم من القواصم (ص229-230) . [25] وفيات الأعيان ، لابن خلكان (3 /33) ، و بلفظ قريب منه عند الآجري في كتابه الشريعة (5/2466) . [26] كتاب الشريعة للآجري ( 5/2466-2467) شرح السنة لللالكائي ، برقم (2785) . بسند صحيح . [27] كتاب الشريعة (5/2465-2466) بسند صحيح ، و كذلك أخرج نحوه الخلال في السنة ، برقم (666) . [28] حاشية محب الدين الخطيب على كتاب العواصم من القواصم ( ص95) . [29] إنظر هذا القول في العواصم من القواصم ( ص213) . 6-دفاع عن ابن تيمية في اتهامه بالطعن في خلافة علي بسم الله الرحمن الرحيم تبرئة هند بنت عتبة من دم أسـد الله حمزةالحمد و صلى الله و سلم على رسول الله و على آله و أصحابه ومن اهتدى بهداه ، أما بعد : فإننا نسمع بين الفينة و الأخرى أقوالاً ونقرأ مؤلفات و كتابات تنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أقوالاً ظاهرها الطعن في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فلما بحثت أصول تلك الأقوال في كلامه رحمه الله وجدتها على أصناف : 1 - صنف من كذب على شيخ الإسلام و افترى عليه افتراءً واضحاً . 2 - و منهم من نقل عن شيخ الإسلام رحمه الله نقلاً محرفاً مبتوراً . 3 - ومنهم من نقل أقوالاً لابن تيمية رحمه الله ، و كان ابن تيمية قد ذكرها نقلاً عن غيره من باب رد الشبهة بالشبهة و من باب إلزام الخصوم . 4 - منها ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله في سياق الرد على الروافض لا في سياق التقرير والاعتقاد . 5 - ومنها ما كان ملتبساً غامضاً أخذه هؤلاء و فسروه كما يحبون ، و قدموا سوء الظن على حسن الظن . و أنا هنا لا أريد مناقشة تلك الأقوال التي نقلها بعضهم بتحريف أو بتر ، أو بتجريدها من سياقها العام ؛ وإنما هدفي من هذا كله ، هو أن أبرز الأقوال التي قررها ابن تيمية رحمه الله في خلافة علي رضي الله عنه ، و ذَكَرَها في سياق التبني و التقرير و الاعتقاد ، والتي أغفلها الناقلون عنه لأسباب الله أعلم بها . و لعل الذين ينقلون عن ابن تيمية رحمه الله تلك الأقوال التي ظاهرها الطعن في خلافة علي رضي الله عنه ، إنما يريدون الانتصار لأهوائهم المنحرفة ، فيذهبون إلى أقوال الشيخ رحمه الله و يخرجونها من سياقها أو يسيئون تفسيرها ، أو يبترونها ثم يستشهدون بها لخدمة آرائهم ، حالهم كحال الذين يستخدمون الأحاديث الموضوعة و ينسبونها للنبي صلى الله عليه وسلم . و كان الهدف من هذه المقالة هي : 1 – إظهار الأقوال الصحيحة لشيخ الإسلام ابن تيمية ودفاعه عن خلافة علي رضي الله عنه . 2 - الدفاع عن شيخ الإسلام رحمه الله ضد من يتهمونه بالنصب ، مع غمطهم لمثل هذه الأقوال ، أو عدم معرفتهم بها ، و لا أظن منصفاً يعرف هذه الأقوال ثم يتهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأنه من أعداء علي بن أبي طالب رضي الله عنه . 3 - الرد على من يحرف أقوال شيخ الإسلام رحمه الله أو يسوقها في سياق لا يريده ابن تيمية ولا يعنيه ، مثل كثير من المؤرخين المعاصرين الذين يوردون أقوالاً لشيخ الإسلام رحمه الله في ظاهرها الطعن في خلافة علي رضي الله عنه ، و يتركون الأقوال المحكمة في إثباتها و يتمسكون بتلك الأقوال المشتبهة أو التي كان سياقها سياق رد و ليس سياق تحرير و تقرير ؛ و هم بهذا العمل يظلمون الحقائق و يظلمون شيخ الإسلام شعروا أو لم يشعروا . و مما ينبغي التنبيه عليه : أن كثيراً مما انتقد على ابن تيمية رحمه الله إنما نقله عن غيره كابن حزم وابن بطة و ابن حامد الحنبلي و غيرهم ، فهو يورد الأقوال الضعيفة للرد على أقوال الشيعة الأكثر ضعفاً من باب رد الشبهة بالشبهة - كما ذكرت - ، و لكنه عندما يقرر و يذكر عقيدة أهل السنة و مذهبهم ، لا يذكر تلك الأقوال التي قد يفهم منها – بحق أو بباطل – تنقصاً و طعناً لخلافة علي رضي الله عنه . و الحقيقة أنني وجدت لابن تيمية رحمه الله أقوالاً كثيرة ، أجزم بأنها تحمل في طياتها براءة كاملة لابن تيمية رحمه الله في دعوى أنه يطعن في خلافة علي رضي الله عنه ، و هي كثيرة جداً ، نذكر منها ما يلي : 1 - أورد شيخ الإسلام حديث سفينة ، فقال : عن سعيد بن جمهان عن سفينة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خلافة النبوة ثلاثون سنة ، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء ) أو قال : ( الملك ) ، قال سعيد قال لي سفينة : أمسك مدة أبي بكر سنتان ، و عمر عشر ، و عثمان اثنتا عشرة ، و عل كذا ، قال سعيد : قلت لسفينة : إن هؤلاء يزعمون أن علياً لم يكن بخليفة ، قال : كذبت أستاه بني الزرقاء ، يعني بني مروان . الحديث صحيح صححه أحمد و غيره من الأئمة . المنهاج (1/515 ) . 2 - و قال رحمه الله : و الصحيح الذي عليه الأئمة أن علياً رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين بهذا الحديث – يقصد حديث سفينة - ، فزمان علي كان يسمي نفسه أمير المؤمنين والصحابة تسميه بذلك ، قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : و من لم يربع بعلي رضي الله عنه في الخلافة فهو أضل من حمار أهله ، و مع هذا فلكل خليفة مرتبة . مجموع الفتاوى (4/479 ) . 3 - و قال رحمه الله : لكن اعتقاد خلافته وإمامته ثابت بالنص وما ثبت بالنص وجب اتباعه وإن كان بعض الأكابر تركه . مجموع الفتاوى (4/440 ) . 4 - و قال رحمه الله : و علي رضي الله عنه لم يقاتل أحداً على إمامة من قاتله ، ولا قاتل أحداً على إمامته نفسه ، ولا ادعى أحد قط في زمن خلافته أنه أحق بالإمامة منه ، لا عائشة ولا طلحة ولا الزبير ولا معاوية وأصحابه ، ولا الخوارج ، بل كل الأمة كانوا معترفين بفضل علي وسابقته بعد قتل عثمان ، و أنه لم يبق في الصحابة من يماثله في زمن خلافته . المنهاج (6/328) . 5 - و قال رحمه الله : وكذلك علي ، لم يتخاصم طائفتان في أن غيره أحق بالإمامة منه ، وإن كان بعض الناس كارهاً لولاية أحد من الأربعة فهذا لابد منه فإن من الناس من كان كارهاً لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فكيف لا يكون فيهم من يكره إمامة بعض الخلفاء . المنهاج (6/329) . 6 - و قال رحمه الله : و ليس في الصحابة بعدهم ( الخلفاء الثلاثة ) من هو أفضل من علي ، ولا تُنازع طائفة من المسلمين بعد خلافة عثمان في أنه ليس في جيش علي أفضل منه ، و لم تفضّل طائفة معروفة عليه طلحة و الزبير ، فضلاً أن يفضل عليه معاوية ، فإن قاتلوه مع ذلك لشبهة عرضت لهم فلم يكن القتال له لا على أن غيره أفضل منه ولا أنه الإمام دونه ولم يتسمَّ قط طلحة و الزبير باسم الإمارة ولا بايعهما أحد على ذلك . المنهاج (6/330) . 7 - وقال رحمه الله : و كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، آخر الخلفاء الراشدين المهديين . مجموع الفتاوى (3/406 ) . 8 - وقال رحمه الله : لكن المنصوص عن أحمد تبديع من توقف في خلافة علي و قال : هو أضل من حمار أهله ، وأمر بهجرانه ، و نهى عن مناكحته ، ولم يتردد أحمد ولا أحد من أئمة السنة في أنه ليس غير علي أولى بالحق منه ولا شكوا في ذلك ، فتصويب أحدهما – علي أو من خالفه – لا بعينه تجويز لأن يكون غير علي أولى منه بالحق و هذا لا يقوله إلا مبتدع ضال فيه نوع من النصب و إن كان متأولاً . مجموع الفتاوى (4/438 ) . 9 - وقال رحمه الله : نصوص أحمد على أن الخلافة تمت بعلي كثيرة جداً . مجموع الفتاوى (35/26) . 10 - و قال رحمه الله : و جماهير أهل السنة متفقون على أن علياً أفضل من طلحة و الزبير فضلاً عن معاوية وغيره . المنهاج (4/358 ) . 11 - و قال رحمه الله عند الكلام على حديث ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ) . حديث صحيح متفق عليه و اللفظ للبخاري . قال : و هذا أيضاً يدل على صحة إمامة علي و وجوب طاعته و إن الداعي إلى طاعته داع إلى الجنة ، وأن الداعي إلى مقاتلته داع إلى النار ، و هو دليل على أنه لم يكن يجوز قتال علي ، و على هذا فمقاتله مخطئ وإن كان متأولاً أو باغ بلا تأويل و هو أصح القولين لأصحابنا ، و هو الحكم بتخطئة من قاتل علياً و هو مذهب الأئمة والفقهاء الذين فرعوا على ذلك قتال البغاة المتأولين . مجموع الفتاوى (4/437) . 12 - وقال رحمه الله : ثبت بالكتاب و السنة إجماع السلف على أنهم – علي و خالفوه – مؤمنون مسلمون و أن علي بن أبي طالب والذين معه كانوا أولى بالحق من الطائفة المقاتلة له .مجموع الفتاوى (4/ 433) . 13 - و قال رحمه الله : مع أن علياً كان أولى بالحق ممن فارقه ، و مع أن عماراً قتلته الفئة الباغية كما جاءت به النصوص ، فعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ، و نقر بالحق كله ، و لا يكون لنا هوى ولا نتكلم بغير علم ، بل نسلك سبيل العلم و العدل و ذلك هو اتباع الكتاب والسنة ، فأما من تمسك ببعض الحق دون بعض ، فهذا منشأ الفرقة والاختلاف . مجموع الفتاوى (4/450) . 14 - و قال رحمه الله : و يروى أن معاوية تأول أن الذي قتله – أي عمار بن ياسر – هو الذي جاء به – أي علي بن أبي طالب – دون مقاتليه ، وأن علياً رد هذا التأويل بقوله : فنحن إذاً قتلنا حمزة – يعني يوم أحد - ، و لا ريب أن ما قال علي هو الصواب . مجموع الفتاوى (35/77) . 15 - و قال رحمه الله : والخوارج المارقون الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم ، قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أحد الخلفاء الراشدين ، و اتفق على قتالهم أئمة الدين من الصحابة والتابعين و من بعدهم ولم يكفرهم علي بن أبي طالب و سعد بن أبي وقاص و غيرهما من الصحابة ، بل جعلوهم مسلمين مع قتالهم ولم يقاتلهم علي حتى سفكوا الدم الحرام وأغاروا على أموال المسلمين فقاتلهم لدفع ظلمهم و بغيهم ، لا لأنهم كفار و لهذا لم يسب حريمهم ولم يغنم أموالهم . مجموع الفتاوى (3/282) . 16 - و قال رحمه الله : و هؤلاء – أي الخوارج – لما خرجوا في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قاتلهم هو و أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم و تحضيضه على قتالهم و اتفق على قتالهم جميع أئمة الإسلام . مجموع الفتاوى (3/382) . 17 - و قال رحمه الله : و يقولون – أي أهل السنة – أن المسلمين لما افترقوا في خلافته فطائفة قاتلته ، و طائفة قاتلت معه ، كان هو وأصحابه أولى الطائفتين بالحق ، كما ثبت في الصحيحين – ثم ذكر حديث الخوارج ، إلى أن قال - : فهؤلاء هم الخوارج المارقون الذين مرقوا فقتلهم علي و أصحابه فعُلم أنهم كانوا أولى بالحق من معاوية رضي الله عنه و أصحابه . المنهاج (4/358 ) . 18 - و قال رحمه الله : و لم يسترب – أي يشك – أئمة السنة و علماء الحديث أن علياً أولى بالحق و أقرب إليه كما دل عليه النص . مجموع الفتاوى (4/438 ) . 19 - و قال رحمه الله : مع العلم بأن علياً وأصحابه هم أولى الطائفتين بالحق كما في حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين فيقتلهم أولى الطائفتين بالحق) و هذا في حرب الشام . مجموع الفتاوى (35/51 ) . 20 - و قال رحمه الله : و قد أخرجنا في الصحيحين عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( تمرق مارقة من الدين على حين فرقة من المسلمين يقتلهم أولى الطائفتين بالحق ) و هؤلاء المارقون هم الخوارج الحرورية الذين مرقوا لما حصلت الفرقة بين المسلمين في خلافة علي فقتلهم علي بن أبي طالب و أصحابه فدل هذا الحديث الصحيح على أن علي بن أبي طالب أولى بالحق من معاوية و أصحابه . الفرقان بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان ( ص 18 ) . 21 - و قال رحمه الله : و كان في جهال الفريقين – فريق علي ومعاوية – من يظن بعلي و عثمان ظنوناً كاذبة برأ الله منهما علياً وعثمان : كان يُظن بعلي أنه أمر بقتل عثمان ، و كان علي يحلف و هو البار الصادق بلا يمين أنه لم يقتله و لا رضي بقتله ولم يمالئ على قتله ، و هذا معلوم بلا ريب من علي رضي الله عنه . مجموع الفتاوى (35/73 ) . و بعد ان بينت موقف شيخ الإسلام قدس الله روحه من علي بن ابي طالب رضي الله عنه، وأنه رحمه الله متبع منهج السلف في محبته، اعرض هنا ما نقله الشيخ سليمان بن صالح الخراشي في كتابه (شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا) عن الأسباب التي ادت بهم إلى اتهام ابن تيمية بالنصب. فالشيخ رحمه الله يبين قول الرافضة وغلوهم في علي ابن ابي طالب وطعنهم في الصحابة، فيدحض قولهم بقول النواصب وقدحهم في علي رضي الله عنه، ثم يعرض قول اهل السنة والجماعة اهل الوسطية في هذا الخلاف، فينقل عنه قدس الله روحه الكلام مبتورا لأن من يطعن في الشيخ ينقل نقله عن النواصب ويعزيه للشيخ. يقول الشيخ صالح الخراشي ص47؛ (وشيخ الإسلام امام سيل جارف من الغلو المكذوب في علي رضي الله عنه وأمام حمم متدفقه من الأكاذيب في سبيل الطعن في الصحابة – رضوان الله عليهم – فماذا يصنع؟ إن المتأمل لهذه الظروف التي عاشها شيخ الإسلام أمام هذا الكتاب يجد له خيارين: الخيار الأول؛ وهو المشهور عند العلماء وأصحاب التآليف؛ هو ان يقوم شيخ الإسلام بدفع الطعون عن الصحابة ببيان كذبها وأنها مختلفة، فكلما رمى الرافضي بشبهة أو طعن على صحابي قام شيخ الإسلام بردها أو برده بكل أقتدار لينفيه عن هذا الصحابي…) وهو خيار جيد ومقبول لو كان الخصم غير الرافضي، أي لو كان الخصم ممن يحتكمون في خلافاتهم إلى النقل الصحيح أو العقل الصريح) والرافضة ليسوا كذلك بالطبع. قال الخراشي ص48؛ (الخيار الثاني؛ وهو الذي اختاره شيخ الإسلام لأنه يراه مفعول فعال في مواجهة أكاذيب الروافض وغلوهم المستطير…) ثم قال(وهذا الخيار يرى أن أجدى طريقة لكف بأس الروافض هو مقابلة شبهاتهم بشبهات خصومهم من الخوارج والنواصب، أي مقابلة هذا الطرف بذاك الطرف المقابل له، ليخرج من بينهما الرأي الصحيح الوسط. فكلما قال الرافضي شبهة أو طعنا في أحد الخلفاء الثلاثة – أبي بكر وعمر وعثمان – رضي الله عنهم – قابلها شيخ الإسلام بشبهة مشابهة للنواصب والخوارج في علي رضي الله عنه. وهو لا يقصد بهذا تنقص علي – رضي الله عنه – والعياذ بالله، وإنما بقصد إحراج الروافض، وكفهم عن الإستمرار في تهجمهم على الصحابة، لأنه ما من شيء من الطعون التهم سيثبتونه على واحد من الصحابة إلا وسيثبت الخوارج والنواصب مماثلا له في علي رضي الله عنه. وهذا يخرس ألسنة الروافض، لأنهم في النهاية سيضطرون إلى أن تضع حربهم على الصحابة أوزارها عندما يرون شبههم وأكاذيبهم تقابل بما يناقضها في علي – رضي الله عنه، فعندها سيبادرون إلى أن يختاروا السلم وعدم ترديد الشبهات حفاظا على مكانة علي أن يمسسها احد بسوء. فهذه حيلة من شيخ الإسلام ضرب بها النواصب بالروافض ليسلم من شرهم جميعا، وهذا ما لم يفهمه أو تجاهل عنه من بادر باتهامه بتلك التهمة الظالمة. وهنا أسرد مثالا اظنه كافي لبيان طريقة شيخ الإسلام في رده على الرافضه – خزاهم الله - كما نقله الشيخ الخراشي: قال شيخ الإسلام قدس الله روحه؛ (وهؤلاء الذين نصبوا العداوة لعلي ومن والاه، وهم الذين استحلوا قتله وجعلوه كافرا، وقتله أحد رؤوسهم (عبد الرحمن بن ملجم المرادي) فهؤلاء النواصب الخوارج المارقون إذا قالوا؛ إن عثمان وعلي أبن ابي طالب ومن معهما كانوا كفار مرتدين، فإن من حجة المسلمين عليهم ما تواتر من إيمان الصحابة، وما ثبت بالكتاب والسنة الصحيحة من مدح الله تعالى لهم، وثناء الله عليهم، ورضاه عنهم، وإخباره بأنهم من اهل الجنة، ونحو ذلك من النصوص، ومن لم يقبل هذه الحجج لم يمكنه أن يثبت إيمان علي بن أبي طالب وأمثاله. فأنه لو قال هذا الناصبي للرافضي؛ إن عليا كان كافرا، أو فاسقا ظالما، وأنه قاتل على الملك؛ لطلب الرياسة؛ لا للدين، وأنه قتل من اهل الملة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ بالجمل وصفين وحروراء ألوفا مؤلفة، ولم يقاتل بعد النبي صلى الله عليه وسلم كافرا، ولا فتح مدينة، بل قاتل أهل القبلة، ونحو هذا الكلام – الذي تقوله النواصب المبغضون لعلي – رضي الله عنه – لم يمكن أن يجيب هؤلاء النواصب إلا اهل السنة والجماعة؛ الذين يحبون السابقين الأولين كلهم. فيقولون لهم؛ أبو بكر، عمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، ونحوهم، ثبت بالتواتر إيمانهم وهجرتهم وجهادهم، وثبت في القرآن ثناء الله عليهم، والرضى عنهم، وثبت بالأحاديث الصحيحة ثناء النبي صلى الله عليه وسلم عليهم خصوصا وعموما، كقوله في الحديث المستفيض عنه: (لو كنت متخذا من اهل الأرض خليلا لأتخذت ابا بكر خليلا)، وقوله: (إنه كان في الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن في أمتي فعمر)، وقوله عن عثمان: (ألا يستحي ممن تستحي منه اللائكة)؟ وقوله في لعلي: (لأعطين الرآية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه)، وقوله: (لكل نبي حواريون، وحواريي الزبير) وأمثال ذلك. وأما الرافضي فلا يمكنه إقامة الحجة على من يبغض عليا من النواصب، كما يمكن ذلك أهل السنة، الذين يحبون الجميع)، انتهى كلام شيخ الإسلام قدس الله روحه ونور ضريحة، (مجموع الفتاوى (4/468 – 469)) والنقولات عن شيخ الإسلام كثيرة تلقم كل من يحاول إتهامه بالنصب حجرا، فرحمه الله رحمة واسعة وجمعه مع بقية اولياء الله والصديقين في جنة الفردوس الأعلى، وجمعنا وياكم مع شيخ الإسلام في دار النعيم الخالد. و ختاماً أحبتي في الله أتمنى أن أكون قد وفقت في إزالة اللبس الذي أثاره الروافض حول كون أبن تيمية رحمه الله يطعن في خلافة علي رضي الله عنه ، و الله من وراء القصد . بسم الله الرحمن الرحيم
__________________
|
11-01-2011 | #10 |
مراقبة سابقة متميزة
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: في أرض الله الواسعة
المشاركات: 1,245
معدل تقييم المستوى: 7 |
رد: حوار هادئ مع الشيعة!
**العداء الإيراني الفارسي للإسلام
1-هذا ما يحصل للسنة في ايران
__________________
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
|
|