بسم الله الرحمن الرحيم


الرد الصارم على المشعوذ أبي حازم





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:ـ
إن مما ابتليت به الأمة في هذا الزمان نتيجة لقلة العلماء وانتشار الجهل وبعد الناس عن دينهم وجود السحرة والمشعوذين وذهاب الناس إليهم وللأسف الإيمان بتلبيسهم والتصديق بهم عند من قل دينه وعلمه
ومن جملة هؤلاء المشعوذين رجل لمع اسمه وذاع صيته (أبو حازم من الخليل).
التعريف به:
هذا الساحر اسمه رفيق خليل أبو حسين أبو سنينة ويبلغ من العمر(40 عاما) ودرس في المدرسة حتى الصف التاسع الأساسي وهو من سكان مدينة الخليل.
بدايته :
بدأ بممارسة مهنة الشعوذة وهو في سن العاشرة من عمره واستمر عليها إلى الآن ولكن تطور الأمر عنده فبدأ بإجراء عمليات للجسم بمساعدة الجن حسب ما يدعي فزادت فتنته للناس واندفعوا إليه من كل حدب وصوب طلبا للعلاج والشفاء فظنوا فيه انه الشافي والمعافي من الأمراض والأوجاع. فامتدحه قوم وذمه آخرون من الذين وفدوا إليه .
ظهور كذبه وتلبيسه على الناس:
لقد أجرت جريدة الحال الفلسطينية مقابلة معه بتاريخ3-3-2008م (العدد 34) وذكر في المقابلة عدة مخالفات شرعية وهي:
1- قال بأنه يأخذ من الناس مبلغ (200 شيكل فقط) للعلاج. وهذا كذب بل انه يأخذ أضعاف أضعاف هذا المبلغ من الناس بدليل إن من الناس الذين ذهبوا إليه قد حضروا عندي للرقية الشرعية وقالوا بأنه أخذ منهم الآلاف ويجلب إليهم البخور زاعما انه هو فقط الذي يوفر نوعية معينة منه.
2- وذكر أيضا انه يجعل قسما من هذا المبلغ للجن. وهنا يظهر التقرب للشياطين واللجوء إليهم ولأن للشياطين أغراض فيما نهى الله تعالى من الكفر والفسوق والعصيان ولهم لذة في الفتن والشر يحبون ذلك وان لم يكن فيه منفعة.
3- ويقول: بأن الجن متواجد في كل الظروف وفقط الذي يجب إن يتوفر هو الإنسان التقي والزاهد.
قلت : إن الشياطين ملازمة له ولأمثاله فظهر حاله جليا حينما يعمل مختلف أنواع السحر للناس فكم من شخص قد تأذى وعانى في حياته بسببه. ثم يصف نفسه ويزكيها بالتقي الزاهد وهو منه بريء. وادعى أيضا بأنه يحول بعض الحالات التي تستعصي عليه إلى بعض الأطباء وذكر منهم الدكتور توفيق الرحال. وقد قمت بالاتصال بالطبيب المذكور فانكشف كذبه وخداعه وبأنه أي الطبيب لا يعلم شيئا عن ذلك وليس له علاقة مع هذا المشعوذ. بل قال لي هذا الطبيب بأنه قد تقدم بشكوى رسمية لنقابة الأطباء ضد هذا المشعوذ أبو حازم .
حقيقة عمله: ـ
انه يستعين بالشياطين ويسخرهم له فيوحون إليه بالكذب والافتراء فيظهرون له ولغيره أنهم يجلبون النفع ويدفعون الضر. فيقوم هذا الساحر بسؤال من يأتي إليه مريضاً ويجمع معلومات كافية عنه ثم يطلب منهم إن يأتوا في اليوم التالي فيخبرهم بما يحصل معهم فيقول مثلا إن هناك سحر تفريق بين الزوجة وزوجها فهذه المعلومات قد عرفها أصلا مسبقا كما بينا لأنه سأل عن أحوالهم في المرة الأولى ثم يضع على المريض غطاء ويطلب من المريض إن يقرأ من القرآن ما يحفظه ثم يطلب من المريض إن يكشف هذا الغطاء ليرى سحره ويمسكه بيده وهذا الفعل من الشياطين وليس من الضروري أن يكون هذا السحر المستخرج حقيقيا بدليل إن كثير من الحالات التي يستخرج فيها السحر بزعمه تبقى مريضة بل يزداد وضعهم سوءا.
ولكنه يتعامل اليوم مع الحالات لإجراء العمليات كما يدعي بطريقة مشابهة فيأمر المريض بالنوم ويضع الغطاء عليه ويضع يده على موضع الألم ثم يحدث تمتمات غير مفهومه قد يلاحظها البعض أو لا يلاحظها فيمكث بضع دقائق ثم ينتهي الأمر وقد يرى بعض الناس أثر لجرح ودم وهذا زيادة في الفتنة والتلبيس عليهم.
كذب العرافين:ـ
إن الشياطين تزخرف القول والعمل للناس بالكذب والتلبيس والافتراء وقد ظهر هذا في كل عصر ومصر قال تعالى:" هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقونالسمع وأكثرهم كاذبون" (الشعراء: 221).
قال الشيخ السعدي: إن الشياطين تنزل على كل كذاب كثير القول للزور والإفك بالباطل و(أثيم) أي: في فعله كثير المعاصي هذا الذي تنزل عليه الشياطين وتناسب حاله حالهم(تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ 599) . ولذلك نجد المشعوذين من أكذب الناس حيث يقلبون الحقائق ويوهمون الناس بأنهم مريضين ويحتاجون للعلاج والدواء حتى يستمروا في التواصل معهم . فالمشعوذ إن ظهر أنه عالج البدن لكنه يمرض القلب بالشرك المنافي للتوحيد .
من الشرك الاستعاذة لغير الله:ـ

ولقد بوب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتابه العظيم " التوحيد"( باب من الشرك الاستعاذة بغير الله) ثم ذكر قوله تعالى: "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال منالإنس فزادوهم رهقا"( الجن :6).
يقول الشيخ السعدي -رحمه الله-: كان الإنس يعبدون الجن ويستعيذون بهم عند المخاوف والإفزاع فزاد الإنس الجن رهقا أي: طغيانا وتكبرا لما رأوا الإنس يعبدونهم ويستعيذون بهم.(تفسير الكريم الرحمن:890).
وقال ابن عثيمين-رحمه الله-: (رهقا) أي: خوفا وذعرا والرهق أشد من مجرد الذعر والخوف فكأنهم مع ذعرهم وخوفهم أرهقهم وأضعفهم شيء فالذعر والخوف في القلوب والرهق في الأبدان.
وفرق– رحمه الله- بين العياذ واللياذ فقال: العياذ يكون مما يخاف واللياذ فيما يؤمل ثم ذكر إن هذه الآية تدل على أن الاستعاذة بالجن حرام لأنها لا تفيد المستعيذ بل تزيده رهقا فعوقب بنقيض قصده وهذا ظاهر.(القول المفيد:162).
الصراع بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان:ـ
إن الصراع بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان قائم ومستمر لأنها عداوة مستمرة بين الحق والباطل بين التوحيد والشرك وبين الظلم والنور. ومهمة الشيطان هي إن يخرج الناس من دين الله - تعالى - ثم بعد ذلك يتبرأ منهم قال تعالى:" كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفرفلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين" (الحشر:16) .
والشيطان يقعد لابن ادم بأطرقه فيأتيه بشتى الأساليب حتى يثنيه عن دينه. واليوم يأتي الشيطان في كثير من الحالات المصابة بالمس أو السحر فيعرض الشيطان على المريض بأن يتركه وحاله إذا وافق على أن يمارس مهنة علاج الناس المصابين بالمس أو السحر والحسد والعين وللأسف يستجيب كثير منهم لهذا العرض من الشيطان. فنجد كل يوم مشعوذين جدد خاصة إذا فتحت عليهم فتنة المال.
وفي الحديث الذي رواه سبرة بن أبي فاكه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"إن الشيطان قعد لابن ادم بأطرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء آبائك؟ فعصاه فأسلم ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطِول؟! فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأه ويقسم المال؟! فعصاه فجاهد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن فعل ذلك كان حقا على الله –عز وجل- أن يدخله الجنة. ومن قتل كان حقا على الله أن يدخله الجنة. وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة " (الصحيحة:2979)
غرور الناس به وبأمثاله من المشعوذين:ـ
بعض الناس يقولون بأنه يعالج كثير من الحالات فتشفى على يديه ؟
ونقول بأن الشافي الحقيقي من كافة الأمراض والأوجاع هو الله تعالى ومن حكمة الله تعالى انه جعل لكل داء دواء ولم يجعل دواءنا فيما حرم علينا.
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو الدرداء مرفوعا: "إن الله خلق الداء والدواء فتداووا ولا تداووا بحرام".( الصحيحة: 1633).
وقد ذكر ابن عثيمين - رحمه الله- : أن طريق العلم بأن الشيء يكون سببا :
إما عن طريق الشرع : وذلك كالعسل قال تعالى :" فيه شفاء للناس"( النحل:69) وكقراءة القران فيه شفاء قال تعالى :" وننزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" (الإسراء:82)
وإما عن طريق التجربة :كما إذا اكتوى بالنار فبرأ بذلك مثلا فهذا سبب ظاهر بين. وقد يكون للانفعال النفسي أثرا بينا فقد يقرأ الإنسان على مريض فلا يرتاح له ثم يأتي أخر فيعتقد أن قراءته نافعة فيرتاح له. ( القول المفيد على كتاب التوحيد : 105 ).
قلت : كما إن من الناس من يدعي الشفاء على يديه فكذلك من الناس الذين يذهبون إليه يشتكون منه وبأنه لم يطرأ أي تغير على حالتهم الصحية.
كذلك قد يكون للأحوال الشيطانية من القدرة التي أعطاهم الله إياها ما يتصرفون وبطرق خفية مما يشعر المريض بأنه تعافى وذلك كخداعهم لبعض المتصوفين الذين يظهرون للناس الكرامات الخارقة بزعمهم كأن يمشون على الماء أو يطيروا في الهواء وغيرها من الأحوال الشيطانية.
ولو قدر الله لشخص أن يتعافى تماما من مرضه فهذا قد يكون زيادة في فتنة الناس وامتحانهم من الله كما يحدث للناس عند خروج الدجال في أخر الزمان من خوارق ولا يسلم منهم إلا القليل والذي ثبت على المنهج الصحيح.
وكما لا يجوز يسرق البعض بحجة أن أولاده جياع أو يزني بحجة عدم القدرة على الزواج كذلك فليس للمريض مسوغا شرعيا لأن يطرق أبواب الكهنة والسحرة والمشعوذين.
وهناك الكثير من الناس قد حصل عنده أوهام ووسوسة بأنه مسحور أو محسود أو ممسوس أو معيون .
وفي ذلك يقول ابن القيم – رحمه الله - :إن النفوس خلقت مطية الأفهام والطبيعة فعالة والأحوال الجسمانية تابعة للأحوال النفسانية (إعلام الموقعين 3/331)
وذكر الشيخ علي بن حسن - حفظه الله - في كتابه ((برهان الشرع )) ما نصه: قال الأستاذ خليل إبراهيم أمين :(الوهم:مرض نفسي خبيث،والإنسان إذا تسلطت عليه الأوهام،من الصعب الخروج منها ، والإنسان في حياته لا يخلو من أوهام تعتريه ، بل إن حياة بعض الناس في كثير من الأمور ، أوهام في أوهام ، بل قد يصل الحد إلى أن يكون تأثير الأوهام أكبر بكثير من الحقائق .
ومع انتشار (( العلاج بالقرآن الكريم ))، ورؤية الناس لبعض حالات الصرع، وانتشار القصص-سواء من المترددين للعلاج أو من بعض الكتب -، أصبح الوهم يدب إلى نفوس كثير من الناس وسط مشاكل الحياة الكثيرة، حتى من هم على استقامة وصلاح في دينهم لم يسلموا من دائرة الوهم.
وقد كان لخوف الناس من الجنّ والشيطان، دور كبير في حصول هذا الوهم،بدأ كثير من الناس يربط بين مرض معين أصابه، أو مشكلة في حياتيه ، أو خلافات زوجية عادية ،أو حادثة معنية حدثت له ، وبين أمور أخرى ، فأخذ يقلب في ذاكرته عن سبب هذه المشكلة، أو تلك الخلافات ، فاعتقد أن فلاناً من الناس قد أصابه بعين ، أو أنه وقع يوماً ما فأصابه الجنّ بالمسّ ، ثم يحكي لك أعراضاً يحسّ بها .
وفي الحقيقة: إن مرض الوهم إذا أصاب الإنسان كان أخطر من المرض الحقيقي لان مس الجن يزول بفضل الله أمام الرقية بالقران الكريم أما مريض الوهم فهو دوامة لا تنتهي.
كذلك يتوهم بعض الناس أنه مصاب بالسحر أو أن فلانا من الناس قد سحره بسبب مشكلة بينه وبينه فتشوش فكره وتضرب حياته ثم يوحي لنفسه بأنه مسحور.
فإذا تملك الوهم بإنسان ما بأن به مساً من الجن أو أنه مسحور: يتشوش فكره وتضطرب حياته وتختل وظائف الغدد وتظهر عليه علامات المس أو السحر وربما يحدث له تشنجات أو إغماءً بما يسمى في علم النفس بـ (الإيحاء الذاتي).
وهنا يبدأ القلق المصحوب بالخوف الشديد يدب في حياته فيضطرب الجهاز العصبي وتتوتر عضلات القلب وتظهر أعراضاً جسدية ويشعر المريض بألم في منطقة القلب ويزداد الألم مع ازدياد الخوف وتظهر أعراض أخرى نتيجة للنشاط المضطرب للجهاز العصبي وهنا لا يوجد عضو في جسم الإنسان إلا ويتأثر بحالة القلق هذه !.
فالقلب تزداد ضرباته وقد لا تنتظم والدم يرتفع ضغطه والجهاز الهضمي يضطرب وتحدث آلاما في البطن وتضطرب الحالة الجنسية للمريض فيشعر بالكره لزوجته وتتوتر عضلات الجسم ويصيب التوتر العضلي منطقة الرأس فيحدث الصداع النصفي.
والحقيقة: أن المترددين على المعالجين بالقرآن الكريم نسبة كبيرة منهم مرضى بالوهم والقلة القليلة من به مساً من الجن حتى وإن كان به بعض الأعراض فالحقيقة التي يؤكدها الطب النفسي: ( أن استمرار القلق يسبب فعلاً أمراضاً عضوية حقيقية وتصبح الآلام صادرة عن إصابة في الجسد وليس مجرد توترات وتقلصات فقد يسبب القلق قرحة المعدة والذبحة الصدرية وأمراضاً أخرى فيتغير شكل حياته وتتقلص طموحاته ويهمل عمله وتضطرب حياته الزوجية ويصبح أسير الوهم والخوف).
أما علاج هذا المرض حقيقة ففي الطب النفسي: إن كان الوهم متسلطاً عليه منذ فترة طويلة فعليه بالعلاج أما إن كان في بدايته فعلية التحصينات.
أقول: ومما يجدي تماماً في هذه المشكلة المعضلة الكف عن الاسترسال مع الوهم والانقطاع عن متابعة التفكير به والانشغال بالطاعات وطب العلم النافع المورث للعمل الصالح.( برهان الشرع فيإثبات المس والصرع ص 46-49).
من خصائص الإلهية التفرد بملك الضر والنفع:ـ
مع القدرة الخاصة التي أعطاها الله للشياطين فهم كما قال ابن القيم رحمه الله: لا يملكون التفرد بملك الضر والنفع لأنها من خصائص الإلهية وذلك يوجب تعليق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل عليه وحده فمن علق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق وجعل من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا أفضل من غيره تشبيها بمن له الأمر كله.
فأزمة الأمور كلها بيديه ومرجعها إليه فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع بل إذا فتح لعبده باب رحمته لم يمسكها أحد وان لم يرسلها إليه أحد. فمن أقبح التشبيه: تشبيه هذا العاجز الفقير بالذات الغني بالذات.( الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي : المسمى الداء والدواء :175).
حكم السحر :ـ

والسحر هو عبارة عما خفي ولطف سببه وسمي سحرا لأنه يحصل بأمور خفية لا تدركه الأبصار وهو رقى وكلام يتكلم به وأدوية وتدخينات ومنه ما يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه بإذن الله الكوني القدري وهو عمل شيطاني وكثير منه لا يتوصل إليه إلا بالشرك والتقرب إلى الأرواح الخبيثة بشيء مما تحب ولذا يقرنه الشارع بالشرك من ناحيتين:ـ
الأولى : ما فيه من استخدام الشياطين والتعلق بهم.
الثانية : ما فيه من دعوى علم الغيب ودعوى مشاركة الله في ذلك (الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد/د.صالح الفوزان).
وقال ابن باز - رحمه الله- : والسحر من المحرمات الكفرية كما قال الله عز وحل في شأن الملكين في سورة البقرة: " وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون " فدلت الآية على أن السحر كفر وأن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه كما دلت على أن السحر ليس بمؤثر لذاته نفعا أو ضرا وإنما يؤثر بإذن الله الكوني القدري لان اله سبحانه هو الذي خلق الخير والشر. ( رسالة في حكم السحر والكهانة:ابن باز).
والسحر محرم بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى:" ولا يفلح الساحر حيث أتى".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمفلح الذي ينال المطلوب وينجو من المرهوب فالساحر لا يحصل له ذلك . (فتاوى ابن تيمية ج35/105).
وصح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات"
وثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت : سأل أناس رسول الله عن الكهان فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليسوا بشيء" قالوا : يا رسول الله فإنهم يحدثون أحيانا الشيء يكون حقا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة " (مختصر صحيح مسلم:تحقيق الالباني:388).
ولذلك انخدع الناس عندما يسمعون الساحر أو المشعوذ يحدثهم عن أمور حياتهم التي هي من الماضي بأن يقول مثلا لبعض الناس : انت متزوج ولك خمسة أولاد وبيت مكون من طابقين وتعاني من ألم في الرأس ... الخ .
فهذا ليس غريبا لأنه من الممكن أن تخبره الشياطين بذلك وليس ذلك علما غيبيا . كما أن الشياطين لا يعلمون جميع الماضي فلهم حدود لا يتجاوزونها .
حكم الساحر:-

قال ابن تيمية - رحمه الله- : أكثر العلماء على أن الساحر كافر يجب قتله وقد ثبت قتل الساحر عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وحفصة بنت عمر وعبد الله بن عمر وجندب بن عبد الله (فتاوى ابن تيمية :ج29/ 211).
ففي سنن أبي داود أن عمر بن الخطاب - رضي الله – أمر قبل موته بسنة :" أن اقتلوا كل ساحر" (سنن أبي داود 3/168) قال شيخنا الألباني –رحمه الله - وهو حديث صحيح .
وفعل السحرة والمشعوذين هو من قبيل استمتاع الإنس بالجن والجن بالإنس .
قال تعالى:" ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله " (الأنعام :128).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية قال البغوي: استمتاع الإنس بالجن ما كانوا يلقون لهم من الأراجيف والسحر والكهانة وتزيينهم لهم الأمور التي يهيئونها ويسهل سبيلها عليهم واستمتاع الجن بالإنس طاعة الإنس لهم فيما يزينون لهم من الضلال والمعاصي.
ويقول ابن تيمية: ومن استمتاع الإنس بالجن: استخدامهم في الأمور الغائبة كما يخبر الكهان فإن في الإنس من له غرض في هذا لما يحصل له من الرياسة والمال وغير ذلك.
وذكر أيضا رحمه الله أن من صور استمتاع الإنس بالجن: استخدامهم في إحضار بعض ما يطلبونه من مال وطعام وثياب ونفقة فقد يأتون ببعض ذلك وقد يدلونه على كنز وغيره واستمتاع الجن بالإنس: استعمالهم فيما يريده الشيطان من كفر وفسوق ومعصية.(فتاوى ابن تيمية ج13/48).
حكم الذهاب إلى السحرة والكهنة والمشعوذين:
لا يجوز الذهاب إلى السحرة والعرافين لسؤالهم أو تصديقهم. وعقوبة من يذهب إليهم:
1- لا تقبل له صلاة أربعين يوما.
2- إذا صدقهم بما يخبرون به من أمور غيبية فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
فقد ثبت عن النبي عليه السلام قوله:" من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما ".(مختصر صحيح مسلم وصحيح الجامع:5941).
وفي الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " قال : من أتى كاهنا فصدقه بما يقول أو أتى امرأة حائضا أو أتى امرأة في دبرها فقد بريء مما أنزل على محمد " .(صحيح الجامع :5942).
حكم الاستعانة بالجن:
لا يجوز الاستعانة بالجن لجلب منفعة أو دفع مضرة لأن ذلك مرده إلى الله تعالى.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم الاستعانة بالجن واللجوء إليهم في جلب النفع أو دفع الضرر فأجابت:الاستعانة بالجن واللجوء إليهم في قضاء الحاجات من الإضرار بأحد أو نفعه شرك في العبادة لأنه نوع من الاستمتاع بالجني بإجابته سؤاله وقضائه حوائجه في نظير استمتاع الجني بتعظيم الإنسي له ولجوئه إليه واستعانته به في تحقيق رغبته.
قال الله تعالى :" ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ماشاء الله إن ربك حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون" وقال تعالى "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الإنس فزادوهم رهقا"( الجن :6).
فاستعانة الإنسي بالجني في إنزال ضرر بغيره واستعانته به في حفظه من شره كله شرك ومن كان هذا شأنه فلا صلاة ولا صيام لقوله تعالى لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" ومن عرف عنه ذلك لا يصلى عليه إذا مات ولا تتبع جنازته ولا يدفن في مقابر المسلمين" (فتاوى اللجنة الدائمة ج1 العقيدة /برقم 433 ).
وقد سئل شيخنا الألباني رحمه الله عن الاستعانة بالجن أو سؤالهم عن مريض أو عن سحر فقال رحمه الله لا يجوز الاستعانة بالعالم الغيبي من الجن بأي حال وهذا خلاف السنة العملية التي جرى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. (سلسلة الهدى والنور:شريط 455).








خاتمة ونصيحة

إنني ومن منطلق الحرص على هذا الدين والحفاظ على العقيدة الصافية النقية قمت بكتابة هذه السطور لعلها تلامس القلوب فيرتجع أبو حازم وأمثاله ممن كان همهم كسب الأموال وانتشار أخبارهم في الافاق ولا يهمهم صحة عملهم أم لا. فنقول ها نحن قد بينا حقيقة أعمالهم ونحذرهم من عقاب الله تعالى إن لم يتوبوا ويرجعوا إلى منهج أسلافهم من الصحابة والتابعين فكانوا يسدون أبواب و مداخل الشيطان الذي مهما ابتكر وطور من أساليبه الخبيثة. والله مهما يجمعوا من أموال فلن يبارك لهم فيها ولا يبارك لهم في أوقاتهم ومعايشهم وسيجرون ثوب الحسرة والخزي عليهم عاجلا أو آجلا .
ثم إنني أنصح اؤلئك المخدوعين بأمثال هؤلاء الذين تزاحموا على أبواب هؤلاء المشعوذين أن يتوبوا إلى الله ولا يضيعون أموالهم ولا يهلكون أنفسهم في هذا الضلال والغي وان يتوكلوا على الله حق التوكل. قال تعالى " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب . ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل اللهلكل شيء قدرا "(الطلاق:3).
وثبت عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته : " ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا كل مال نحلته عبدا حلال وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنه أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وقال إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان وإن الله أمرني أن أحرق قريشا فقلت يا رب إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة قال : استخرجهم كما أخرجوك وأغزهم نغزك وأنفق فسننفق عليك وابعث جيشا نبعث خمسة مثله وقاتل بمن أطاعك من عصاك " (رواه مسلم وهو في مشكاة المصابيح برقم:5371) .

جزاك الله خيرا اخى الشيخ عمران
انها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور
رب كلماتك هذه تمس قلوبهم فتحيا بإذن الله فتنجو بهم
جزاك الله خيرا

بارك الله فيك اخي عمران....أثابك الله ...

بارك الله فيكم

وسدد للخير خطاكم

ورفع قدركم

بارك الله فيك ولا يسعني الا ان اقول ماشاء الله عليك يا شيخنا ...تسلم وجعلك ربي محارب ومقاتلا في سبيله من اجل القضاء ودحض السحر والسحرة

الله يشفي المسلمين ويبلي السحرة ان شاء الله
ينرد عليهم سحرهم

الشيخ عمران بارك الله فيك

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .