بسم الله الرحمن الرحيم...الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على خاتم المرسلين ،وعلىآله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين...أما بعد..
فهذا الجزء الثاني ..من قواعد الحلال والحرام...والقصد من هذه الدروس هي أن تتكون عند المسلم مجموعة من القواعد ،ليحي بها على بينة من أمره..قال تعالى...ليهلك من هلك عن بينة ،ويحي من حي عن بينة، وان الله لسميع عليم..42الأنفال..وكما أسلفت القول ان معرفة القواعد هي عمل تربوي اخلاقي متكامل، وهي دستور سلوكي مستقيم ، لانجد له ما يناظره أو يقاربه في التراث الحضاري أو الانساني كله..
-القاعدة الخامسة..المشقة تجلب التيسير...
والأصل في هذه القاعدة قوله تعالى..يريد الله بكم اليسر ، ولا يريد بكم العسر..
..وما جعل عليكم في الدين من حرج....
وقوله -صلى الله عليه وسلم-بعثت بالحنفية السمحة...أخرجه الامام أحمد في مسنده من حديث جابر بن عبد الله.
وقوله -عليه الصلاة والسلام-انما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين...رواه الشيخان من حديث ابي هريرة..
وروى الشيخان عن عائشة -رضي الله عنها-.- ما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-بين أمرين الا اختار أيسرهما ما لم يكن اثما....
وقاعدة التيسير أوسع من قاعدة الاضطرار..لأن التيسير في ترك الواجب الى عاجل أو آجل..
أما الاضطرار ففي استباحة المحرم ولو مؤقتا ، وترك الواجبات أهون من فعل المنهيات لقوله -صلى الله عليه وسلم-فاذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ،واذا نهيتكم عن شيء فدعوه...رواه الشيخان..
أسباب التخفيف..
وأسباب التخفيف في العبادات وغيرها ، سبعة..
الأول...السفر....ومن رخصه..-.القصر ،والفطر ، والمسح على الخف أكثر من يوم وليلة ، والجمع ، والتيمم...
الثاني...المرض...ومن رخصه..-.التيمم ، والصلاة من قعود في الفرض أو الاضطجاع أو الايماء ، والتخلف عن الجماعة والجمعة ، والفطر في رمضان ، واباحة محظورات الاحرام مع الفدية...
الثالث...الاكراه...ومن رخصه..-.فانه يبيح الخمر ، والتلفظ بكلمة الكفر ، ولا يبيح القتل..
الرابع...النسيان...ومن رخصه..-.فانه مسقط للأثم كمن جامع في نهار رمضان ناسيا للصوم فلا كفارة عليه ، ولا يبطل صومه ، وكمن سلم من ركعتين ناسيا في الصلاة الرباعية لاتبطل صلاته ويكمل ، ويسجد للسهو..
الخامس...الجهل بالحكم..فانه مسقط للحكم كذلك..
السادس...العسر..عسر تجنب الشيء وعموم البلوى..كالصلاة مع النجاسة المعفو عنها..
السابع...النقص عن الكمال...فانه نوع من المشقة كعدم تكليف النساء بكثير مما يجب على الرجال، كالجمعة والجماعة والجهاد، وكعدم تكليف الصبي والمجنون..
القاعدة السابعة...التحريم لا يكون بأثر رجعي...
أي أن التحريم يبدأ من النص لا قبله، فلا عقوبة الا بنص.سواء في الدنيا أو في الآخرة..فقد تساءل الصحابة رضوان الله عليهم بعد تحريم الخمر، كيف بأصحابنا وقد ماتوا يشربونها ؟ فقال الله تعالى..ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وآمنوا ، ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين...93المائدة
القاعدة الثامنة...ما أدى الى الحرام فهو حرام..
ما أدى الى الحرام فهو حرام ، وان كان جائزا في الأصل..
يقول الله مؤدبا للمؤمنات...ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن...
نهين عن الضرب بالأرجل ، وان كان جائزا في نفسه ، لئلا يكون سببا الى فتنة الرجال واثارة شهواتهم...
ويقول تعالى...يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات..
نهوا عن الدخول مع أنه مباح حتى لا يطلعوا على العورات..
ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-فيما يرويه البخاري عن عبد الله ابن عمر..-.ان من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل ..يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال ..يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه...فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجل سابا لاعنا لأبويه بتسببه الى ذلك..
وحرم -صلى الله عليه وسلم - الخلوة بالأجنبية والنظر اليها..
كما نهى عن بناء المساجد على القبور ، ولعن من فعل ذلك ، ونهى عن تجصيص القبور، وتشريفها ، واتخاذها مساجد ، وعن الصلاة عندها واليها ، وعن ايقاد المصابيح عليها ،وأمر بتسويتها بالأرض ، ونهى عن اتخاذها عيدا ، وعن شد الرحال اليها ، لئلا يكون ذلك ذريعة الى اتخاذها أوثانا والاشراك بها، وحرم ذلك على من قصده ، ومن لم يقصده ، بل قصد خلافه سدا للذرائع..... اعلام الموقعين لابن القيم ج 3 ص 181..
أكتفي بهذا القدر ان شاء الله ،وبقية القواعد لدرس المقبل ان شاء الله..
الله أسأل أن يجعلنا ممن يحلون حلاله ويحرمون حرامه...فانه ولي ذلك والقادر عليه...
اخوكم ابو ساجدة...